أما تكرار رؤية الجحيم فقيل : إن الأول رؤيتها من بعيد كما قال ﴿ إذا رأتهم من مكان بعيد ﴾ [ الفرقان : ١٢ ] والثاني رؤيتها من قريب إذا وصلوا إلى شفيرها. وقيل : الأولى عند الورود، والثاني بعد الدخول، وأورد قوله ﴿ ثم لتسئلن ﴾ فيها فإن السؤال قبل الدخول. وقيل : التثنية للتكرير والمراد تتابع الرؤية وإتصالها فكأنه قيل لهم : إن كنتم اليوم شاكين فيها فسترونها رؤية دائمة متصلة، فيجوز أن يكون قوله ﴿ علم اليقين ﴾ متعلقاً بالرؤيتين جميعاً، ويجوز أن يكون متعلقاً بالثانية لأن علمهم بها وبأحوالها وآلامها يزداد شيئاً فشيئاً حتى يصير الخبر عيناً. ومعنى علم اليقين وعين اليقين وحق اليقين قد مر في آخر " الواقعة " وفي السؤال عن النعيم وجهان : الأول أنه للكفار لما " روي أن أبا بكر لما نزلت الآية قال : يا رسول الله أرأيت أكلة أكلتها معك في بيت أبي الهيثم بن التيهان من خبز شعير ولحم وبسر وماء عذب، أتكون من النعيم الذي يسأل عنه؟ فقال ﷺ : إنما ذلك للكفار ثم قرأ ﴿ وهل نجازي إلا الكفور ﴾ [ سبأ : ١٧ ] " ولأن الخطاب في أول السورة للذين ألهاهم التكاثر عن الماد فناسب أن يكون الخطاب في آخر السورة أيضاً لهم. ويكون الغرض من السؤال التقريع حتى يظهر لهم أن الذي ظنوه سبباً للسعادة هو أعظم أسباب الشقاء لهم. الثاني العموم لوجوه منها خير أبي هريرة عن النبي ﷺ " أول ما يسأل عن العبد يوم القيامة النعيم فيقال له ألم نصحح لك جسمك ألم نروك من الماء البارد " ومنها قول محمود بن لبيد : لمَّا نزلت السورة قالوا : يا رسول الله إنما هو إنما هو الماء والتمر وسيوفنا على عواتقنا والعدو حاضر فعن أي نعيم يسأل؟ فقال : أما إنه سيكون وعن أنس لما نزلت الآية قام محتاج فقال : هل علي من النعمة شيء؟ قال : الظل والنعلان والماء البارد. وعن النبي ﷺ " لا تزول قدما العبد يوم القيامة حتى


الصفحة التالية
Icon