﴿ ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴾ تكريرٌ للتأكيدِ وثمَّ للدلالةِ عَلَى أَنَّ الثَّانِي أبلغُ منَ الأولِ أوِ الأولُ عندَ الموتِ أو في القبرِ والثَّانِي عندَ النشورِ ﴿ كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ اليقين ﴾ أَيْ لَوْ تعلمونَ ما بينَ أيديكُم علَم الأمرِ اليقينِ أيْ كعلمكِم ما تستيقنونَهُ لفعلتُم ما لاَ يُوصفُ ولاَ يكتنهُ فحذفَ الجوابَ للتهويلِ وقولُه تعالَى :﴿ لَتَرَوُنَّ الجحيم ﴾ جوابُ قسمٍ مضمرٍ أُكِّدَ بهِ لَهُ الوعيدُ وشددَ بهِ التهديدُ وأوضحَ بِهِ مَا أُنذروُه بعدَ إبهامِهِ تفخيماً.
﴿ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا ﴾ تكريرٌ للتأكيدِ أوِ الأُولى إذَا رأتهُمْ منْ مكانٍ بعيدٍ والثانيةُ إذَا وردُوَها أوِ المرادُ بِالأولَى المعرفةُ وبالثانيةِ المشاهدةُ والمعاينةُ ﴿ عَيْنَ اليقين ﴾ أَيِ الرؤيةُ التي هيَ نفسُ اليقينِ فإنَّ علمَ المشاهدةِ أَقْصى مراتبِ اليقينِ ﴿ ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النعيم ﴾ أيْ عنِ النعيمِ الذي ألهاكُم الالتذاذُ بهِ عنِ الدينِ وتكاليفِه فإنَّ الخطابَ مخصوصٌ بمنْ عكفَ همتَهُ عَلى استيفاءِ اللذاتِ وَلَمْ يعشْ إلاَّ ليأكلَ الطيبَ ويلبسَ اللينَ ويقطعَ أوقاتَهُ باللهوِ والطَّرَبِ لاَ يعبأُ بالعلمِ وَالعملِ ولا يحملُ نفسَهُ مشاقهما فأمَّا منْ تمتعَ بنعمةِ الله تعالَى وتقوَّى بَها عَلى طاعتِهِ وكانَ ناهضاً بالشكرِ فهُوَ منْ ذلكَ بمعزلٍ بعيدٍ وَقيلَ الآيةُ مخصوصةٌ بالكفارِ. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٩ صـ ﴾