وقال سفيان بن عيينة : إن ما سد الجوع، وستر العورة من خشن الطعام، لا يسأل عنه المرء يوم القيامة، وإنما يسأل عن النعيم، والدليل عليه أن الله أسكن آدم الجنة فقال له :﴿ إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلاَ تعرى وَأَنَّكَ لاَ تَظْمَأُ فِيهَا وَلاَ تضحى ﴾ [ طه : ١١٨-١١٩ ].
فكانت هذه الأشياء الأربعة ما يسد به الجوع، وما يدفع به العطش، وما يسكن فيه من الحر ويستر به عورته، لآدم عليه السلام بالإطلاق، لا حساب عليها لأنه لا بد له منها.
وذكر عن أحمد أيضاً بسنده " أنهم كانوا جلوساً فطلع عليهم النَّبي ﷺ وعلى رأسه أثر ماء، فقلنا : يا رسول الله، نراك طيب النفس؟
قال :" أجل " قال : خاض الناس في ذكر الغنى، فقال رسول الله ﷺ :" لا بأس بالغنى لمن اتقى الله، والصحة لمن اتقى الله، خير من الغنى، وطيب النفس من النعم ".
قال : ورواه ابن ماجه٠ عن أبي هريرة.
وبهذا، فقد ثبت من الكتاب والسنة، أن النعيم الذي هو محل السؤال يوم القيامة عام في كل ما يتنعم به الإنسان في الدنيا، حساً كان أو معنى.
حتى قالوا : النوم مع العافية، وقالوا : إن السؤال عام للكافر والمسلم، فهو للكافر توبيخ وتقريع وحساب، وللمؤمن تقرير بحسب النعمة وجحودها وكيفية تصريفها. والعلم عند الله تعالى.
وكل ذلك يراد منه الحث على شكر النعمة، والإقرار للمنعم والقيام بحقه سبحانه فيها، كما قال تعالى عن نبي الله :﴿ رَبِّ أوزعني أَنْ أَشكُرَ نِعْمَتَكَ التي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وعلى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذريتيا إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ المسلمين ﴾ [ الأحقاف : ١٥ ].
اللَّهم أوزعنا شكر نعمتك، واجعل ما أنعمت علينا عوناً لنا على طاعتك. أ هـ ﴿أضواء البيان حـ ٩ صـ ﴾