وقال ابن الجوزى :
﴿ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (١) ﴾
قوله [ تعالى ] :﴿ ألهاكم ﴾
وقرأ أبو بكر الصِّدِّيق، وابن عباس، والشعبي، وأبو العالية، وأبو عمران، وابن أبي عبلة :"أَأَلهاكم" بهمزتين مقصورتين على الاستفهام.
وقرأ معاوية، وعائشة "آلهاكم" بهمزة واحدة ممدودة استفهاماً أيضاً.
ومعنى ألهاكم : شغلكم عن طاعة الله وعبادته.
وفي المراد بالتكاثر ثلاثة أقوال.
أحدها : التكاثر بالأموال والأولاد، قاله الحسن.
والثاني : التفاخر بالقبائل والعشائر، قاله قتادة.
والثالث : التشاغل بالمعاش والتجارة، قاله الضحاك.
وفي قوله تعالى ﴿ حتى زرتم المقابر ﴾ قولان.
أحدهما : حتى أدرككم الموت على تلك الحال، فصرتم في المقابر زُوَّاراً ترجعون منها إلى منازلكم من الجنة أو النار، كرجوع الزائر إلى منزله.
والثاني : حتى زرتم المقابر فَعَدَدْتم من فيها [ من ] موتاكم.
قوله تعالى :﴿ كلا ﴾ قال الزحاج : هي ردع وتنبيه.
والمعنى : ليس الأمر الذي ينبغي أن يكونوا عليه التكاثر.
قوله تعالى :﴿ سوف تعلمون ﴾ عاقبة تكاثركم وتفاخركم إذا نزل بكم الموت.
وقيل : العلم الأول : يقع عند نزول الموت.
والثاني : عند نزول القبر.
قوله تعالى :﴿ كلا لو تعلمون علم اليقين ﴾ المعنى : لو تعلمون الأمر علماً يقيناً لَشَغَلَكم ما تعلمون عن التكاثر، والتفاخر.
وجواب "لو" محذوف : وهو ما ذكرنا.
ثم أوعدهم وعيداً آخر فقال تعالى :﴿ لَتَرَوُنَّ الجحيم ﴾ قرأ ابن كثير، ونافع، وعاصم، وأبو عمرو، وحمزة "لتَرون" "ثم لتَرونها" بفتح التاء.
وقرأ مجاهد، وعكرمة، وحميد، وابن أبي عبلة "لتُرون" "لتُرونها" بضم التاء فيهما من غير همز ﴿ ثم لَتَرَوُنَّها عين اليقين ﴾ أي : مشاهدة، فكان المراد ب "عين اليقين" نفسه، لأن عين الشيء : ذاته.
قوله تعالى :﴿ ثم لتسألُنَّ يومئذ عن النعيم ﴾ اختلفوا، هل هذا السؤال عام، أم لا؟ على قولين.