وقال البيضاوى :
سورة التَّكَاثُر
مختلف فيها، وآيها ثمان آيات

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

﴿ ألهاكم ﴾ شغلكم وأصله الصرف إلى اللهو منقول من لها إذا غفل. ﴿ التكاثر ﴾ التباهي بالكثرة
﴿ حتى زُرْتُمُ المقابر ﴾ إذا استوعبتم عدد الأحياء صرتم إلى المقابر فتكاثرتم بالأموات، عبر عن انتقالهم إلى ذكر الموتى بزيارة المقابر. روي أن بني عبد مناف وبني سهم تفاخروا بالكثرة فكثرهم بنو عبد مناف، فقال بنو سهم إن البغي أهلكنا في الجاهلية فعادونا بالأحياء والأموات فكثرهم بنو سهم، وإنما حذف المنهي عنه وهو ما يعنيهم من أمر الدين للتعظيم والمبالغة. وقيل معناه ﴿ ألهاكم التكاثر ﴾ بالأموال والأولاد إلى أن متم وقبرتم مضيعين أعماركم في طلب الدنيا عما هو أهم لكم، وهو السعي لأخراكم فتكون زيارة القبور عبارة عن الموت.
﴿ كَلاَّ ﴾ ردع وتنبيه على أن العاقل ينبغي له أن لا يكون جميع همه ومعظم سعيه للدنيا فإن عاقبة ذلك وبال وحسرة. ﴿ سَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴾ خطأ رأيكم إذا عاينتم ما وراءكم وهو إنذار ليخافوا وينتبهوا من غفلتهم.
﴿ ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴾ تكرير للتأكيد وفي ﴿ ثُمَّ ﴾ دلالة على أن الثاني أبلغ من الأول، أو الأول عند الموت أو في القبر والثاني عند النشور.
﴿ كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ اليقين ﴾ أي لو تعلمون ما بين أيديكم علم اليقين أي كعلمكم ما تستيقنونه لشغلكم ذلك عن غيره، أو لفعلتم ما لا يوصف ولا يكتنه فحذف الجواب للتفخيم ولا يجوز أن يكون قوله.
﴿ لَتَرَوُنَّ الجحيم ﴾ جواباً له لأنه محقق الوقوع بل هو جواب قسم محذوف أكد به الوعيد وأوضح به ما أنذرهم منه بعد إبهامه تفخيماً، وقرأ ابن عامر والكسائي بضم التاء.


الصفحة التالية
Icon