أعاد "كَلاَّ" وهو زجر وتنبيه، لأنه عَقَّب كل واحد بشيء آخر ؛ كأنه قال : لا تفعلوا، فإنكم تندمون، لا تفعلوا، فإنكم تستوجبون العقاب.
وإضافة العلم إلى اليقين، كقوله تعالى :﴿ إِنَّ هذا لَهُوَ حَقُّ اليقين ﴾ [ الواقعة : ٩٥ ].
وقيل : اليقين هاهنا : الموت ؛ قاله قتادة.
وعنه أيضاً : البعث ؛ لأنه إذا جاء زال الشك، أي لو تعلمون علم البعث.
وجواب "لو" محذوف ؛ أي لو تعلمون اليوم من البعث ما تعلمونه إذا جاءتكم نفخة الصور، وانشقت اللُّحود عن جُثَثكم، كيف يكون حَشْركم؟ لشغلَكُم ذلك عن التكاثر بالدنيا.
وقيل :﴿ كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ اليقين ﴾ أي لو قد تطايرتِ الصحف، فشقِيٌّ وسعيدٌ.
وقيل : إن "كَلاَّ" في هذه المواضع الثلاثة بمعنى "أَلاَ" قاله ابن أبي حاتم، وقال الفرّاء : هي بمعنى "حَقًّا" وقد تقدّم الكلام فيها مستوفى.
قوله تعالى :﴿ لَتَرَوُنَّ الجحيم ﴾ هذا وعيد آخر.
وهو على إضمار القسم ؛ أي لترون الجحيم في الآخرة.
والخطاب للكفار الذين وجبت لهم النار.
وقيل : هو عام ؛ كما قال :﴿ وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا ﴾ [ مريم : ٧١ ]، فَهُيِّيءَ للكفار دار، وللمؤمنين ممر.
وفي الصحيح :" فيمرّ أوّلهم كالبرق، ثم كالريح، ثم كالطير...
" الحديث.
وقد مضى في سورة "مريم".
وقرأ الكسائيّ وابن عامر "لَتُرَوُنَّ" بضم التاء، من أريته الشيء ؛ أي تحشرون إليها فترونها.
وعلى فتح التاء، هي قراءة الجماعة ؛ أي لتَرون الجحيم بأبصاركم على البعد.
﴿ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ اليقين ﴾ أي مشاهدة.
وقيل : هو إخبار عن دوام مُقامهم في النار ؛ أي هي رؤية دائمة متصلة.
والخطاب على هذا للكفار.