والقول الثالث : أنه من العرف وهو الرائحة الطيبة قال تعالى :﴿يُدْخِلُهُمُ الجنة عَرَّفَهَا لَهُمْ﴾ [محمد : ٦] أي طيبها لهم، ومعنى ذلك أن المذنبين لما تابوا في عرفات فقد تخلصوا عن نجاسات الذنوب، ويكتسبون به عند الله تعالى رائحة طيبة، قال عليه الصلاة والسلام :" خلوف فم الصائم عند الله أطيب من ريح المسك " الثاني : يوم إياس الكفار من دين الإسلام الثالث : يوم إكمال الدين الرابع : يوم إتمام النعمة الخامس : يوم الرضوان، وقد جمع الله تعالى هذه الأشياء في أربع آيات، في قوله :﴿اليوم يَئِسَ الذين كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ﴾ [المائدة : ٣] الآية، قال عمر وابن عباس : نزلت هذه الآية عشية عرفة، وكان يوم الجمعة والنبي ﷺ واقف بعرفة في موقف إبراهيم عليه السلام، وذلك في حجة الوداع، وقد اضمحل الكفر، وهدم بنيان الجاهلية، فقال عليه الصلاة والسلام :" لو يعلم الناس ما لهم في هذه الآية لقرت أعينهم " فقال يهودي لعمر : لو أن هذه الآية نزلت علينا لاتخذنا ذلك اليوم عيداً فقال عمر : أما نحن فجعلناه عيدين، كان يوم عرفة ويوم الجمعة فأما معنى : إياس المشركين : فهو أنهم يئسوا من قوم محمد عليه الصلاة والسلام أن يرتدوا راجعين إلى دينهم، فأما معنى إكمال الدين فهو أنه تعالى ما أمرهم بعد ذلك بشيء من الشرائع، وأما إتمام النعمة فأعظم النعم نعمة الدين، لأن بها يستحق الفوز بالجنة والخلاص من النار، وقد تمت في ذلك اليوم وكذلك قال في آية الوضوء ﴿وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرونَ﴾ [المائدة : ٦] ولما جاء البشير وقدم على يعقوب، قال : على أي دين تركت يوسف ؟ قال : على دين الإسلام قال : الآن تمت النعمة، وأما معنى الرضوان فهو أنه تعالى رضي بدينهم الذي تمسكوا به وهو الإسلام فهي بشارة بشرهم بها في ذلك اليوم فلا يوم أكمل من اليوم الذي بشرهم فيه بإكمال الدين،


الصفحة التالية
Icon