ولما كان في هذه التربية بخس جرى عليه هذا الخطاب كما ورد " استحي من الله كما تستحيي رجلاً جليلاً من قومك " قال تعالى :﴿أو أشد ذكراً﴾ انتهى. أي اذكروا الله ذكراً أعلى من ذلك بأن تذكروه ذكراً أشد من ذكركم لآبائكم لما له من الفضل العام، ومما يدخل تحت هذا الذكر أن يأنف من أن يكون لله في عبادته أو شيء من أموره شريك كما يستنكف ابن أن يكون لأبيه فيه شريك بل يكون في أمر الشرك أشد أنفة. قال الحرالي : فرفع الخطاب إلى ما هو أليق بالحق من إيثار ما يرجع إليه على ما يرجع إلى الخلق انتهى.
أهـ ﴿نظم الدرر حـ ١ صـ ٣٧٩﴾
قال الفخر :
روى ابن عباس أن العرب كانوا عند الفراغ من حجتهم بعد أيام التشريق يقفون بين مسجد منى وبين الجبل، ويذكر كل واحد منهم فضائل آبائه في السماحة والحماسة وصلة الرحم، ويتناشدون فيها الأشعار، ويتكلمون بالمنثور من الكلام، ويريد كل واحد منهم من ذلك الفعل حصول الشهرة والترفع بمآثر سلفه، فلما أنعم الله عليهم بالإسلام أمرهم أن يكون ذكرهم لربهم كذكرهم لآبائهم، وروى القفال في " تفسيره" عن ابن عمر قال : طاف رسول الله ـ ﷺ ـ على راحلته القصوى يوم الفتح يستلم الركن بمحجنه ثم حمد الله وأثنى عليه ثم قال :" أما بعد أيها الناس إن الله قد أذهب عنكم حمية الجاهلية وتفككها، يا أيها الناس إنما الناس رجلان بر تقي كريم على الله أو فاجر شقي هين على الله ثم تلا ﴿يا أَيُّهَا الناس إِنَّا خلقناكم مّن ذَكَرٍ وأنثى﴾ ﴿الحجرات : ١٣ ] أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم " وعن السدي أن العرب بمنى بعد فراغهم من الحج كان أحدهم يقول : اللهم إن أبي كان عظيم الجفنة، عظيم القدر، كثير المال، فأعطني مثل ما أعطيته، فأنزل الله تعالى هذه الآية. أ هـ {مفاتيح الغيب حـ ٥ صـ ١٥٦﴾
فائدة لغوية