الجواب : ترك المفعول الثاني لتنزيل الفعل منزلة ما لا يتعدى إلى المفعول الثاني لعدم تعلق الغرض ببيانه أي أعطنا عطاء في الدنيا، أو يقدر المفعول بأنه الإنعام أو الجائزة أو محذوف لقرينة قوله ﴿حسنة﴾ فيما بعد، أي ﴿آتنا في الدنيا حسنة ﴾. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٢ صـ ٢٤٧﴾
فوائد ولطائف
قال العلامة الفخر :
اعلم أن مراتب السعادات ثلاث : روحانية، وبدنية، وخارجية أما الروحانية فاثنان : تكميل القوة النظرية بالعلم، وتكميل القوة العملية بالأخلاق الفاضلة، وأما البدنية فاثنان : الصحة والجمال، وأما الخارجية فاثنان : المال، والجاه، فقوله :﴿آتنا في الدنيا﴾ يتناول كل هذه الأقسام فإن العلم إذا كان يراد للتزين به في الدنيا والترفع به على الأقران كان من الدنيا، والأخلاق الفاضلة إذا كانت تراد للرياسة في الدنيا وضبط مصالحها كانت من الدنيا، وكل من لا يؤمن بالبعث والمعاد فإنه لا يطلب فضيلة لا روحانية ولا جمسانية إلا لأجل الدنيا، ثم قال تعالى في حق هذا الفريق ﴿وما لَهُ فِى الأخرة مِنْ خلاق﴾ أي ليس له نصيب في نعيم الآخرة، ونظير هذه الآية قوله تعالى :﴿مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخرة نَزِدْ لَهُ فِى حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدنيا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِى الآخرة من نصيب﴾ ﴿الشورى : ٢٠ ] ثم إنه تعالى لم يذكر في هذه الآية أن الذي طلبه في الدنيا هل أجيب له أم لا ؟ قال بعضهم : إن مثل هذا الإنسان ليس بأهل للإجابة لأن كون الإنسان مجاب الدعوة صفة مدح فلا تثبت إلا لمن كان ولياً لله تعالى مستحقاً للكرامة لكنه وإن لم يجب فإنه ما دام مكلفاً حيا فالله تعالى يعطيه رزقه على ما قال :{وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأرض إِلاَّ عَلَى الله رِزْقُهَا﴾ ﴿هود : ٦ ] وقال آخرون إن مثل هذا الإنسان قد يكون مجاباً، لكن تلك الإجابة قد تكون مكراً واستدراجاً. أ هـ {مفاتيح الغيب حـ ٥ صـ ١٦٠﴾