أما قوله تعالى :﴿نَارُ الله﴾ فالإضافة للتفخيم أي هي نار لا كسائر النيران : الموقدة التي لا تخمد أبداً أوالموقدة بأمره أو بقدرته ومنه قول علي عليه السلام : عجباً ممن يعصى الله على وجه الأرض والنار تسعر من تحته، وفي الحديث :" أوقد عليها ألف سنة حتى احمرت، ثم ألف سنة حتى ابيضت، ثم ألف سنة حتى اسودت فهي الآن سوداء مظلمة ".
الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (٧)
فاعلم أنه يقال : طلع الجبل واطلع عليه إذا علاه، ثم في تفسير الآية وجهان : الأول : أن النار تدخل في أجوافهم حتى تصل إلى صدورهم وتطلع على أفئدتهم، ولا شيء في بدن الإنسان ألطف من الفؤاد، ولا أشد تألماً منه بأدنى أذى يماسه، فكيف إذا اطلعت نار جهنم واستولت عليه.
ثم إن الفؤاد مع استيلاء النار عليه لا يحترق إذ لو احترق لمات، وهذا هو المراد من قوله :﴿لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يحيى﴾ [ الأعلى : ١٣ ] ومعنى الاطلاع هو أن النار تنزل من اللحم إلى الفؤاد والثاني : أن سبب تخصيص الأفئدة بذلك هو أنها مواطن الكفر والعقائد الخبيثة والنيات الفاسدة، واعلم أنه روي عن النبي ﷺ أن النار تأكل أهلها حتى إذا اطلعت على أفئدتهم انتهت، ثم إن الله تعالى يعيد لحمهم وعظمهم مرة أخرى.
إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (٨)
فقال الحسن : مؤصدة أي مطبقة من أصدت الباب وأوصدته لغتان، ولم يقل : مطبقة لأن المؤصدة هي الأبواب المغلقة، والإطباق لا يفيد معنى الباب.