أي أعدّه زعم لنوائب الدهر ؛ مثل كَرُمَ وأكرم.
وقيل : أحصى عدده ؛ قاله السديّ.
وقال الضحاك : أي أعدّ ماله لمن يرثه من أولاده.
وقيل : أي فاخر بعدده وكثرته.
والمقصود الذم على إمساك المال عن سبيل الطاعة.
كما قال :﴿ مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ ﴾ [ القلم : ١٢ ]، وقال :﴿ وَجَمَعَ فأوعى ﴾ [ المعارج : ١٨ ].
وقراءة الجماعة "جَمَع" مخفف الميم.
وشدّدها ابن عامر وحمزة والكسائيّ على التكثير.
واختاره أبو عُبيد ؛ لقوله :"وَعَدَّدَه".
وقرأ الحسن ونصر بن عاصم وأبو العالية "جَمَع" مخففاً، "وعَدَدَه" مخففاً أيضاً ؛ فأظهروا التضعيف، لأن أصله عَدَّه وهو بعيد ؛ لأنه وقع في المصحف بدالين.
وقد جاء مثله في الشعر ؛ لما أبرزوا التضعيف خففوه.
قال :
مَهْلاً أُمامةُ قد جَرَّبْتِ منْ خُلُقِي...
إنِّي أَجُودُ لأِقْوامٍ وإِنْ ضنِنُوا
أراد : ضَنُّوا وبخِلوا، فأظهر التضعيف ؛ لكن الشعر موضع ضرورة.
قال المهدوِيّ : من خفف "وعدّده" فهو معطوف على المال ؛ أي وجمع عدده فلا يكون فعلاً على إظهار التضعيف ؛ لأن ذلك لا يستعمل إلا في الشعر.
يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ (٣)
قوله تعالى :﴿ يَحْسَبُ ﴾ أي يظنّ ﴿ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ ﴾ أي يبقيه حياً لا يموت ؛ قاله السُّدِّيّ.
وقال عكرمة : أي يزيد في عمره.
وقيل : أحياه فيما مضى، وهو ماضٍ بمعنى المستقبل.
يقال : هلك والله فلان ودخل النار ؛ أي يدخل.
﴿ كَلاَّ ﴾ ردّ لما توهمه الكافر ؛ أي لا يَخْلُد ولا يَبقَى له مال.
وقد مضى القول في "كَلاّ" مستوفى.
وقال عمر بن عبد الله مولى غُفْرة : إذا سمعت الله عز وجل يقول "كَلاَّ" فإنه يقول كذبت.
﴿ لَيُنبَذَنَّ ﴾ أي ليطرحنّ وليلقين.
وقرأ الحسن ومحمد بن كعب ونصر بن عاصم ومجاهد وحُمَيد وابن محيصن : لَيَنْبَذَانِّ بالتثنية، أي هو وماله.
وعن الحسن أيضاً "لَيُنْبَدَنَّهُ" على معنى لَيُنْبَذَنّ مالُه.