وقال العلامة نظام الدين النيسابورى :
﴿ وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (١) ﴾
وقيل : أحب المال حباً شديداً حتى اعتقد أنه إن انتقص مالي أموت فلذلك يحفظه عن النقصان ليبقى حياً وهذا غير بعيد من اعتقاد البخيل ﴿ كلاً ﴾ ردع له عن حسبانه أي ليس الأمر كما يظن هو أن المال مخلد بل المخلد هو العلم والعمل كما قال علي رضي الله عنه : مات خزان المال وهم أحياء والعلماء باقون ما بقي الدهر. عن الحسن أنه عاد موسراً فقال : ما تقول في ألفو لم أفتد بها من لئيم ولا تفضلت بها على كريم؟ قال : ولكن لماذا قال لنبوة الزمان وجفوة السلطان ونوائب الدهر ومخافة الفقر؟ قال : إذاً تدعه لمن لا يحمدك وترد على من لا يعذرك. قوله ﴿ لينبذن ﴾ جواب قسم محذوف أو جواب حقاً لأنه في معنى القسم. والنبذ الطرح وفيه إشعار بإهانته. وفي قوله ﴿ في الحطمة ﴾ وهي النار التي من شأنها أن تحطم أي تكسر كل ما يلقى فيها إشارة إلى غاية تعذيبه. ويقال للرجل الأكول إنه لحطمة ووزنها " فعلة " كهمزة ولمزة فكأنه قيل له : كنت همزة لمزة فقا بلناك بالحطمة. وأيضاً في الحطم معنى الكسر والهماز اللماز يكسر الناس بالاغتياب والعيب أو يأكل لحمهم كما يأكل الرجل الأكول. ثم كأن قائلاً سأل كيف قوبل الوصفان بوصف واحد؟ فقيل : إنك لا تعرف ذلك الواحد وما أدراك ما هذه الحطمة ﴿ نار الله ﴾ هي إضافة تعظيم كبيت الله ﴿ الموقدة التي تطلع على الأفئدة ﴾ أي تدخل في أجوافهم حتى تصل إلى صدورهم وتطلع على جنانها وخباياها. ولا شيء في الإنسان ألطف منه ولا أشد تألماً. ويجوز أن يكون في تخصيص الأفئدة إشارة إلى زيادة تعذيب للقلب لأنه محل الكفر والعقائد الفاسدة. وعند أهل التأويل : إذا كانت النار أمراً معنوياً فلا ريب أنه لا يتألم بها إلا الفؤاد الذي هو محل الإدراكات والعقائد. وروي عن النبي ﷺ " إن النار تأكل أهلها حتى إذا طلعت على أفئدتهم أي تعلوها وتغلبها انتهت ثم إن الله تعالى يعيد لحمهم وعظمهم مرة أخرى " والمؤصدة المطبقة الأبواب اصدت


الصفحة التالية
Icon