الأبديةِ والنعيمِ المقيمِ فأمَّا المالُ فليسَ بخالدٍ لا بمُخَلِّدٍ. ورُوِيَ أنَّ الأخنسَ كانَ لهُ أربعةُ آلافِ دينارٍ وقيلَ : عشرةُ آلافٍ والجملةُ مستأنفةٌ أو حالٌ منْ فاعلِ جَمَع ﴿ كَلاَّ ﴾ ردعٌ لهُ عنْ ذلكَ الحْسبانِ الباطلِ وَقولُه تعالَى :﴿ لَيُنبَذَنَّ ﴾ جوابُ قسمٍ مقدرٍ وَالجملةُ استئنافٌ مبينٌ لعلةِ الردعِ أيْ والله ليطرحنَّ بسببِ تعاطيِه للأفعالِ المذكورةِ ﴿ فِى الحطمة ﴾ أيْ في النارِ التي شأنُها أنْ تحطمَ وتكسرَ كُلَّ مَا يُلْقَى فيهَا كَما أنَّ شأنَهُ كسرُ أعراضِ النَّاسِ وجمعُ المالِ.
وَقولُه تعالَى :﴿ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الحطمة ﴾ لتهويلِ أمرِهَا ببيانِ أنَّها ليستْ منِ الأمورِ التي تنالهَا عقولُ الخلقِ، وقولُه تعالَى :﴿ نَارُ الله ﴾ خبرُ مبتدأٍ محذوفٍ والجملةُ بيانٌ لشأنِ المسؤولِ عَنْها أيْ هيَ نارُ الله ﴿ الموقدة ﴾ بأمرِ الله عزَّ سلطانُهُ وفي إضافتها إليهِ سُبحانَهُ ووصفُهَا بالإيقادِ منْ تهويلِ أمرِهَا مَا لاَ مزيدَ عليهِ ﴿ التى تَطَّلِعُ عَلَى الافئدة ﴾ أيْ تعلُو أوساطَ القلوبِ وتغشاهَا وتخصيصُها بالذكرِ لما أنَّ الفؤادَ ألطفُ ما في الجسدِ وأشدُّة تألماً بأدْنى أَذى يمسُّهُ أوْ لأَنَّه محلُ العقائدِ الزائغةِ والنياتِ الخبيثةِ ومنشأُ الأعمالِ السيئةِ.
﴿ إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ ﴾ أي مطبقة من أوصدت الباب وأصدته أي أطبقته. ﴿ فِى عَمَدٍ مُّمَدَّدَةِ ﴾ إِمَّا حالٌ منَ الضميرِ المجرورِ في عليهمْ أيْ كائنينَ في عمدٍ ممددةٍ أيْ موثقينَ فيهَا مثلُ المقاطرِ التي تُقطرُ فيهَا اللصوصُ أوْ خبرُ مبتدأ مضمرٍ أيْ هُمْ في عمدٍ أو صفةٌ لمؤصدةٍ قالَه أبُو البقاءِ أيْ كائنةٌ في عمدٍ ممدودةٍ بأنْ تؤصدَ عليهمْ الأبوابُ وتمددَ على الأبوابِ العمدُ استيثاقاً في استيثاقٍ اللهمَّ أجرنَا منها يا خيرَ مستجارٍ وَقُرِىءَ عُمُدٌ بضمتينِ. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٩ صـ ﴾