وقال النخجواني :
[سورة الهمزة]
فاتحة سورة الهمزة
لا يخفى على الموحدين المستكشفين عن سرائر التوحيد واليقين ان الكمالات الدينية كلها منوطة مربوطة بالتخلق بأخلاق اللّه والتأدب بآدابه فلا بد لأرباب الارادة والطلب ان يهذبوا ظواهرهم أولا بالشرائع النبوية والنواميس المصطفوية المقتبسة من مشكاة النبوة والولاية وبواطنهم بالخواطف الغيبية والهواتف اللدنية الملهمة إليهم حسب القوى القدسية اللاهوتية المتعلقة باستعداداتهم الفطرية وقابلياتهم الجبلية فمن رغب عنها ولم يتصف بها فما له في الآخرة من خلاق لذلك قد حث وحرض سبحانه في هذه السورة ارباب العناية والتوفيق على كسب الآداب والتخلق بمحاسن الأخلاق والاتصاف بأوصاف الكمال بتوبيخ أصحاب الغفلة والضلال المسيئين الأدب مع اللّه ومع خلص عباده وبسوء منقلبهم ومآبهم عنده سبحانه فقال بعد التيمن بِسْمِ اللَّهِ المتجلى بعموم كمالاته في مظهر الإنسان الرَّحْمنِ عليه بأنواع الكرم والامتنان الرَّحِيمِ بخواص عباده حيث خلقهم بأخلاقه الحسان ويسر لهم طريق العرفان
[الآيات ]
وَيْلٌ عظيم وهلاك هائل شديد لِكُلِّ فرد من افراد الأقوام هُمَزَةٍ وهو الذي يمشى بين الناس بالهمز وكسر العرض وقد صارت له هذه الديدنة القبيحة عادة راسخة وملكة مستمرة وايضا لكل لُمَزَةٍ وهو الذي يطعن في انساب الأنام وينسبهم إلى انواع البغي والآثام افتراء ومراء وما حداه وحمله على هذه الخضلة القبيحة والفعلة المستهجنة الوقيحة الا ثروته وماله وسيادته وجاهه وهو
الَّذِي جَمَعَ مالًا وامتعة كثيرة من الزخارف الدنية الدنياوية التي قد مالت قلوب ابنائها إليها بالطبع وَعَدَّدَهُ أى جعل ماله عدة عموم النوائب والنوازل وخيل انه يردها به وقت إلمامها


الصفحة التالية
Icon