وقال الشافعيّ : يَبَرُّ بساعة، إلا أن تكون له نية، وبه أقول ؛ إلا أن يكون الحالف عربياً، فيقال له : ما أردت؟ فإذا فسره بما يحتمله قُبِل منه، إلا أن يكون الأقل، ويجيء على مذهب مالك أن يحمل على ما يفسر.
والله أعلم".
إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (٢)
هذا جواب القسم.
والمراد به الكافر ؛ قاله ابن عباس في رواية أبي صالح.
وروى الضحاك عنه قال : يريد جماعة من المشركين : الوليد بن المغيرة، والعاص بن وائل، والأسود بن عبد المطلب بن أسد بن عبد العُزَّي، والأسود بن عبد يغوث.
وقيل : يعني بالإنسان جنس الناس.
﴿ لَفِى خُسْرٍ ﴾ : لفي غَبْن.
وقال الأخفش : هَلَكَةٍ.
الفرّاء : عقوبة ؛ ومنه قوله تعالى :﴿ وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْراً ﴾ [ الطلاق : ٩ ].
ابن زيد : لفي شر.
وقيل : لفي نقص ؛ المعنى متقارب.
وروي عن سلام "والعصِر" بكسر الصاد.
وقرأ الأعرج وطلحة وعيسى الثقفِيّ "خُسْرٍ" بضم السين.
وروى ذلك هارون عن أبي بكر عن عاصم.
والوجه فيهما الاتباع.
ويقال : خُسْر وخُسُر ؛ مثل عُسْر وعُسُر.
وكان عليّ يقرؤها "والْعَصْرِ ونَوائِب الدَّهْر، إنّ الإنسان لفي خُسْر.
وإنه فيه إلى آخر الدهر".
وقال إبراهيم : إن الإنسان إذا عُمِّرَ في الدنيا وهَرِم، لفي نقص وضعف وتراجع ؛ إلا المؤمنين، فإنهم تكتب لهم أجورهم التي كانوا يعملونها في حال شبابهم ؛ نظيره قوله تعالى :﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان في أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ * ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ ﴾ [ التين : ٤ ٥ ].
قال : وقراءتنا "والعصْرِ إنَّ الإنسانَ لَفِي خُسْرٍ، وإنَّهُ في آخر الدهر".
والصحيح ما عليه الأمة والمصاحف.
وقد مضى الردّ في مقدّمة الكتاب على من خالف مصحف عثمان، وأن ذلك ليس بقرآن يتلى ؛ فتأمّله هناك.
قوله تعالى :﴿ إِلاَّ الذين آمَنُواْ ﴾ استثناء من الإنسان ؛ إذ هو بمعنى الناس على الصحيح.


الصفحة التالية
Icon