فخرجوا هاربين يبتدرون الطريق الذي جاؤوا منه، ويتساءلون عن نفل بن حبيب، ليدلهم على الطريق، فخرج نفيل يشتد، حتى صعد الجبل، فخرجوا معه يتساقطون بكل طريق، ويهلكون على كل منهل، فأصيب أبرهة في جسده، وخرجوا معه فيسقط من جسده أنملة أنملة، كلما سقطت منه أنملة، خرجت منه مدة قيح ودم، حتى قدموا به صنعاء، وهو مثل فرخ الطائر، فما مات حتى انصدع صدره عن قلبه ثم مات، فملك ابنه يكثوم بن أبرهة ملك اليمن.
وروي في الخبر، أنه أول ما وقعت الحصبة، والجدري بأرض العرب ذلك العام.
وقال بعضهم : كان أمر أصحاب الفيل، قبل مولد النبي ﷺ، بثلاث وعشرين سنة.
وقال بعضهم : كان ذلك في عام مولده عليه السلام.
وروي عن قبس بن مخرمة أنه قال : ولدت أنا ورسول الله ﷺ في عام الفيل.
فنزل قوله ﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بأصحاب الفيل ﴾ يعني : كيف عاقب ربك أصحاب الفيل، بالحجارة، حين أرادوا هدم الكعبة.
قال تعالى :﴿ أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِى تَضْلِيلٍ ﴾ يعني : في خسارة.
ويقال : معناه ألم يجعل صنيعهم في أباطيل ﴿ وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ ﴾ يعني : متتابعاً بعضها على أثر بعض، أرسل عليهم الله طيوراً بيضاً صغاراً.
وقال عبيد بن عمير : أرسل عليهم طيراً بلقا من البحر، كأنها الخطاطيف.
وروى عطاء عن ابن عباس قال : طيراً سوداً، جاءت من قبل البحر فوجاً فوجاً.
ثم قال ﴿ تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مّن سِجّيلٍ ﴾ قال سعيد بن جبير، الحجارة أمثال الحمصة.
وروي عن ابن عباس قال : رأيت عند أم هانىء من تلك الحجارة، مثل بعر الغنم، مخططة بحمرة.