وعن ابن عباس قال : كانوا يُشتون بمكة ويصيِّفون بالطائف. والأكثرون على الأول. واللام في قول ﴿ لِإِيلَافِ ﴾ متعلق بقوله :﴿ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ ﴾ أي : فليعبدوه لأجل إيلافهم الرحلتين. ودخلت الفاء لما في الكلام من معنى الشرط ؛ إذ المعنى : أن نِعم الله تعالى عليهم غير محصورة، فإن لم يعبدوه لسائر نعمه فليعبدوه لهذه النعمة الجليلة. والبيت هو الكعبة المشرفة ﴿ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ ﴾ أي : مما يخاف منه من لم يكن من أهل الحرم من الغارات والحروب والقتال والأمور التي كانت العرب يخاف بعضها بعضاً ؛ فأمنوا من ذلك لمكان الحرم وقرأ ﴿ أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ ﴾ [ القصص : ٥٧ ]، ونظيره أيضاً قوله تعالى :﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ ﴾ [ العنكبوت : ٦٧ ].
تنبيه :
زعم بعض الناس أن اللام في ﴿ لِإِيلَافِ ﴾ متعلق بما قبله، أي : فجعلهم كعصف مأكول لإيلاف قريش. قال الشهاب : وعلى هذا لا بد من تأويله، والمعنى : أهلكهم ولم يسلط على أهل حرمه ليبقوا على ما كانوا عليه، أو أهلك من قصدهم ليعتبر الناس ولا يجترئ عليهم أحد، فيتم لهم الأمن في الإقامة والسفر. أو هي لام العاقبة. انتهى.
ولا يخفى ما فيه من التكلف ؛ ولذا قال ابن جرير في رده : وأما القول الذي قاله من حكينا قوله أنه من صلة قوله :