وقال الشيخ الشنقيطى :
﴿ لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (١) إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (٢) ﴾
اختلف في اللام في لإيلاف قريش، هل هي متعلقة بما قبلها، وعلى أي معنى. أم متعلقة بما بعدها، وعلى أي معنى.
فمن قال : متعلقة بما قبلها، قال متعلقة بجعل في قوله :﴿ فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولِ ﴾ [ الفيل : ٥ ].
وتكون بمعنى لأجل إيلاف قريش يدوم لهم ويبقى تعظيم العرب إياهم، لأنهم أهل حرم الله، أو بمعنى إلى أي جعلنا العدو كعصف مأكول، هزيمة له ونصرة لقريش نعمة عليهم، إلى نعمة إيلافهم رحلة الشتاء والصيف.
ومن قال : متعلقة بما بعدها، قال لإيلاف قريش إيلافهم الذي ألقوه أي بمثابة التقرير له، ورتب عليه، فليعبدوا رب هذا البيت. أي أثبته إليهم وحفظه لهم.
وهذا القول الأخير هو اختيار ابن جرير، ورواه ابن عباس، ورد جواز القول الأوّل، لأنه يلزمه فصل السورتين عن بعض.
وقيل : إنها للتعجب، أي أعجبوا لإيلاف قريش، حكاه القرطبي عن الكسائي والأخفش، والقول الأول لغيره.
وروي أيضاً عن ابن عباس وغيره، واستدلوا بقراءة السورتين معاً في الصلاة في ركعة قرأ بهما عمر بن الخطاب، وبأي السورتين في أٌبي بن كعب متصلتان، ولا فصل بينهما.
وحكى القرطبي القولين، ولم يرجح أحدهما، ولا يبعد اعتبار الوجهين لأنه لا يعارض بعضها بعضاً.
وما اعترض به ابن جرير بأنه يلزم عليه اتصال السورتين فليس بلازم، لأنه إن أراد اتصالهما في المعنى، فالقرآن كله متصلة سورة معنى.