القول الثاني : وهو أن اللام في :﴿لإيلاف﴾ متعلقة بقوله :﴿فَلْيَعْبُدُواْ﴾ وهو قول الخليل وسيبويه والتقدير : فليعبدوا رب هذا البيت لإيلاف قريش أي : ليجعلوا عبادتهم شكراً لهذه النعمة واعترافاً بها، فإن قيل : فلم دخلت الفاء في قوله :﴿فَلْيَعْبُدُواْ﴾ ؟ قلنا : لما في الكلام من معنى الشرط، وذلك لأن نعم الله عليهم لا تحصى، فكأنه قيل : إن لم يعبدوه لسائر نعمه فليعبده لهذه الواحدة التي هي نعمة ظاهرة.
القول الثالث : أن تكون هذه اللام غير متعلقة، لا بما قبلها ولا بما بعدها، قال الزجاج : قال قوم : هذه اللام لام التعجب، كأن المعنى : اعجبوا لإيلاف قريش، وذلك لأنهم كل يوم يزدادون غياً وجهلاً وانغماساً في عبادة الأوثان، والله تعالى يؤلف شملهم ويدفع الآفات عنهم، وينظم أسباب معايشهم، وذلك لا شك أنه في غاية التعجب من عظيم حلم الله وكرمه، ونظيره في اللغة قولك لزيد وما صنعنا به ولزيد وكرامتنا إياه وهذا اختيار الكسائي والأخفش والفراء.
المسألة الثانية :
ذكروا في الإيلاف ثلاثة أوجه أحدها : أن الإيلاف هو الإلف قال علماء اللغة : ألفت الشيء وألفته إلفاً وإلافاً وإيلافاً بمعنى واحد، أي لزمته فيكون المعنى لإلف قريش هاتين الرحلتين فتتصلا ولا تنقطعا، وقرأ أبو جعفر :( لإلف قريش ).