وقال الرازي والأخفش : هي لام التعجب يقول : عجبوا لإيلاف قريش رحلة الشتاء والصيف، وتركهم عبادة ربّ هذا البيت، ثم أمرهم بعبادته.
وهذا كما يقول في الكلام : لزيد وإكرامنا إيّاه، على وجه التعجب أي : أعجبُ لذلك، والعرب إذا جاءت بهذه اللام اكتفوا بها دليلا على التعجّب لإظهار الفعل فيه كقول الشاعر :
أغرَّكَ أن قالوا لقرة شاعرٌ... افياك أباه من عريف وشاعرٌ
أي أعجبوا لقرة شاعراً.
وقيل هي لام ( كي ) مجازها ﴿ فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ ﴾ ليؤلف قريشاً، فكان هلاك أصحاب الفيل سبباً لبقاء إيلاف قريش، ونظام حالهم واقوام ما لهم، وقال الزجّاج : هي مردودة إلى ما بعدها، تقديرهُ : فليعبدوا رب هذا البيت لإيلاف رحلة الشتاء والصيف.
وقريش هم ولد النضر بن كنانة، فمن وَلَده النضر فهو قرشي، ومن لم يلده النضر فليس بقرشي.
قال رسول اللّه ﷺ :" نحن بنو النضر بن كنانة لا نقفو أمّنا، ولا ننتفي من أبينا ".
وأخبرنا أبو بكر الجوزي قال : أخبرنا الرعولي قال : حدّثنا محمد بن يحيى قال : حدّثنا أبو المغيرة قال : حدّثنا الأوزاعي قال : حدّثنا أبو عمار شداد عن واثلة بن الأسقع قال : قال رسول اللّه ( عليه السلام ) :" إن اللّه عزّ وجلّ اصطفى بني كنانة من بني إسماعيل، واصطفى من بني كنانة قريشاً، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم ".
وسمّوا قريشاً من التقرش، وهو التكسّب والتقلّب والجمع والطلب، وكانوا قوماً على المال والإفضال حراصاً.
وسأل معاوية عبد اللّه بن عباس : لِمَ سمّيت قريش قريشاً؟ فقال : لدابّة في البحر يقال لها : القرش، تأكل ولا تؤكل، وتعلو ولا تعلا. قال : وهل يعرف العرب ذلك في أشعارهم؟ قال : نعم :
وقريش هي التي تسكن البحر بها... سميت قريش قريشا
سلطت بالعلو في لجّةِ الب... حر على ساير البحور جيوشا
تأكل الغثّ والسمين ولا تترك فيه... لذي جناحين ريشا