وقال القاسمى :
سورة الماعون
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
﴿ أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ ﴾أي : بثواب الله وعقابه، فلا يطيعه في أمره ونهيه، قال أبو السعود : استفهام أريد به تشويق السامع إلى معرفة من سيق له الكلام والتعجيب منه. والخطاب للنبي ﷺ، أو لكل عاقل. والرؤية بمعنى العلم.
والفاء في قوله تعالى :﴿ فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ ﴾ جواب شرط محذوف، على أن ذلك مبتدأ والموصول خبره، والمعنى : هل عرفت الذي يكذب بالجزاء أو بالإسلام، أن لم تعرفه أو إن أردت أن تعرفه فهو الذي يدفع اليتيم دفعاً عنيفاً ويزجره زجراً قبيحاً. يقال : دفعت فلاناً عن حقه : دفعت عنه وظلمته.
﴿ وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ﴾ أي : لا يحث غيره من ذوي اليسار على إطعام المحتاج وسدّ خلته، بل يبخل بسعيه عند الأغنياء لإغاثة البؤساء.
قال الشهاب : إن كان الطعام بمعنى الإطعام - كما قاله الراغب - فهو ظاهر، وإلا ففيه مضاف مقدر، أي : بذل طعام المسكين. واختياره على الإطعام للإشعار بأنه كأنه مالك لما يعطى له كما في قوله :
﴿ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ* ل ِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ﴾ [ المعارج : ٢٤ - ٢٥ ]، فهو بيان لشدة الاستحقاق. وفيه إشارة للنهي عن الامتنان.
قال أبو السعود : وإذا كان حال من ترك حث غيره على ما يذكر، فما ظنك بحال من ترك ذلك مع القدرة ؟
قال الزمخشري : جعل علم التكذيب بالجزاء منع المعروف والإقدام على إيذاء الضعيف، يعني أنه لو آمن بالجزاء وأيقن بالوعيد، لخشي الله تعالى وعقابه، ولم يقدم على ذلك، فحين أقدم عليه علم أنه مكذب، فما أشده من كلام ! وما أخوفه من مقام ! وما أبلغه في التحذير من المعصية وإنها جديرة بأن يستدل بها على ضعف الإيمان ورخاوة عقد اليقين.