ويجوز أن يكون الطعام مراداً به ما يطعم كما في قوله تعالى :﴿ فانظر إلى طعامك وشرابك ﴾ [ البقرة : ٢٥٩ ] فتكون إضافة طعام إلى المسكين معنوية على معنى اللام، أي الطعام الذي هو حقه على الأغنياء ويكون فيه تقدير مضاف مجرور بـ ( على ) تقديره : على إعطاء طعام المسكين.
وكنى بنفي الحضّ عن نفي الإِطعام لأن الذي يشحّ بالحض على الإِطعام هو بالإِطعام أشح كما تقدم في قوله :﴿ ولا تحاضون على طعام المسكين ﴾ في سورة الفجر ( ١٨ ) وقوله :﴿ ولا يحض على طعام المسكين ﴾ في سورة الحاقة ( ٣٤ ).
والمسكين : الفقير، ويطلق على الشديد الفقرِ، وقد تقدم عند قوله تعالى :﴿ إنما الصدقات للفقراء والمساكين ﴾ في سورة التوبة ( ٦٠ ).
فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (٤) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (٥)
موقع الفاء صريح في اتصال ما بعدها بما قبلها من الكلام على معنى التفريع والترتب والتسبب.
فيجيء على القول : إن السورة مكية بأجمعها أن يكون المراد بالمصلين عينَ المراد بالذي يكذب بالدين، ويدُعّ اليتيم، ولا يحض على طعام المسكين، فقوله ﴿ للمصلين ﴾ إظهار في مقام الإِضمار كأنه قيل : فويل له على سهوه عن الصلاة، وعلى الرياء، وعلى منع الماعون، دعا إليه زيادة تعداد صفاته الذميمة بأسلوب سليم عن تتابع ستِّ صفات لأن ذلك التتابع لا يخلو من كثرة تكرار النظائر فيشبه تتابع الإِضافات الذي قيل إنه مُناكد للفصاحة، مع الإِشارة بتوسط ويل له إلى أن الويل ناشىء عن جميع تلك الصفات التي هو أهلها وهذا المعنى أشار إليه كلام "الكشاف" بغموض.
فوصفهم ب"المصلين" إِذَنْ تهكم، والمراد عدمه، أي الذين لا يصلون، أي ليسوا بمسلمين كقوله تعالى :﴿ قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين ﴾ [ المدثر : ٤٣، ٤٤ ] وقرينة التهكم وصفهم بـ ﴿ الذين هم عن صلاتهم ساهون ﴾.