والمنافق دائماً ظاهره مخالف لباطنه في كل شيء، لا في الصلاة فقط.
ولكن جاء النص : بأن المراءاة في الصلاة، من أعمال المنافقين.
وجاء النص أيضاً. بأن منع الماعون من طبيعة الإنسان إلا المصلين، كما في قوله تعالى :﴿ إِنَّ الإنسان خُلِقَ هَلُوعاً إِذَا مَسَّهُ الشر جَزُوعاً وَإِذَا مَسَّهُ الخير مَنُوعاً إِلاَّ المصلين ﴾ [ المعارج : ١٩-٢٢ ].
وقد تقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه، بيان السهو عنها وإضاعتها عند قوله تعالى :﴿ فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُواْ الصلاة واتبعوا الشهوات فَسَوْفَ يَلْقُونَ غَيّاً إِلاَّ مَن تَابَ ﴾ [ مريم : ٥٩-٦٠ ] الآية.
وبين في آخر المبحث تحت عنوان : مسألة في حكم تاركي الصلاة جحداً أو كسلاً. وزاده بياناً، عند قوله تعالى :﴿ والذين هُمْ على صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴾ [ المؤمنون : ٩ ] في دفع إيهام الاضطراب للجمع بين هذه الآية وآية ﴿ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ﴾ [ المدثر : ٤٢ ].
وذكر قول الشاعر :
دع المساجد للعباد تسكنها... على ما سنذكره بعد، ثم نبه قائلاً : إذا كان الوعيد عمن يسهو عنها فكيف بمن يتركها؟ اه.
وقد تساءل بعض المفسرين عن موجب اقتران هذه الآية بالتي قبلها.
وأجابوا : بأن الكل من دوافع عدم الإيمان بالبعث، ومن موجبات التكذيب بيوم الدين، فهي مع ما قبلها في قوة، فذلك الذي يدع اليتيم ولا يحض على طعام المسكين، وعن صلاتهم ساهون، فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون.
فجمعهم مع الأول، ونص على وعيده الشديد، وبين وصفاً ولهم، وهو أنهم يمنعون الماعون.
تنبيه
في هذه السورة، وفي آية ﴿ والذين هُمْ على صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴾ [ المؤمنون : ٩ ]، التي هي من صفات المؤمنين معادلة كبيرة.
إحداهما : في المنافقين تاركي الصلاة أو مضيعيها.


الصفحة التالية
Icon