أما الرياء : فقيل وهو مشتق من الرؤية، والمراد به إظهار العبادة لقصد رؤية الناس لها فيحمد عليها، وقد جاء في الحديث تسميته الشرك الخفي :" إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الخفي، قالوا : وما الشرك الخفي يا رسول الله؟ قال : الرياء، فإنه أخفى في نفوسكم من دبيب النمل ".
وجاء قوله تعالى :﴿ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَآءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدَا ﴾ [ الكهف : ١١٠ ].
وبيان الشرك فيه أنه يعمل العمل مما هو أصلاً لله، كالصلاة أو الصدقة أو الحج، ولكنه يظهره لقصد أن يحمده الناس عليه.
فكأن هذا الجزء منه مشاركة مع الله، حيث أصبح من عمله جزء لطلب الثناء من الناس عليه.
وقد جاء حديث أبي هريرة عند مسلم : يقول الله تعالى :" أنا أغنى الشركاء عن الشرك، فمن عمل عملاً أشرك معي غيري تركته وشركه ".
أما حكم الرياء في العمل، ففي هذا النص دلالة على رد العمل على صاحبه، وتركه له.
فقيل : إنه يكون لا له فيه، ولا عليه منه.
فقيل : لا يخلو من ذم، كما حذر الله تعالى منه بقوله :﴿ وَلاَ تَكُونُواْ كالذين خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِم بَطَراً وَرِئَآءَ الناس ﴾ [ الأنفال : ٤٧ ].
وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :" من راءى الله به، ومن سمع سمع الله به " رواه مسلم.
والتسميع : هو العمل ليسمع الناس به كما في حديث الوليمة " في اليوم الأول والثاني والثالث سمعة. ومن سمّع سمّع به ".
فالرياء مرجعه إلى الرؤية، والتسميع مرجعه إلى السماع.
ومعلوم أنها نزلت في قريش يوم بدر، وقد أحبط الله عملهم، وردهم على أعقابهم.
وفي حديث أبي هريرة، وقيل : إنه محبط للأعمال لمسمى الشرك لقوله تعالى :﴿ إِنَّ الله لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ ﴾ [ النساء : ٤٨ ].


الصفحة التالية
Icon