وأجيب : بأنه يحبط العمل الذي هو فيه فقط، فإن رءاى في الصلاة أحبطها ولا يتعدى إلى الصوم، وإن رءاى في صلاة نافلة لا يتعدى إحباطها إلى صلاة فريضة، وهكذا، قد يبدأ عملاً خالصاً لله، ثم يطرأ عليه شبح الرياء، فهل يسلم له عمله أو يحبطه ما طرأ عليه من الرياء؟
فقالوا : إن كان خاطراً ودفعه عنه فلا يضره، وإن استرسل معه. فقد رجح أحمد وابن جرير، عدم بطلان العمل نظراً لسلامة القصد ابتداء.
ودليلهم في ذلك : ما روى أبو داود في مراسيله عن عطاء الخراساني أن رجلاً قال : يا رسول الله، إن بني سلمة كلهم يقاتل، فمنهم من يقاتل للدنيا، ومنهم من يقاتل نجدة، ومنهم من يقاتل ابتغاء وجه الله تعالى قال :" كلهم إذا كان أصل أمره، أن تكون كلمة الله هي العليا ".
وذكر عن ابن جرير : أن هذا في العمل الذي يرتبط آخره بأوله، كالصلاة والصيام.
أما ما كان مثل القراءة والعلم. فإنه يلزمه تجديد النية الخالصة لله، أي لأن كل جزء من القراءة، وكل جزء من طلب العلم مستقل بنفسه، فلا يرتبط بما قبله.
وهناك مسألة : وهي أن العبد يعمل العمل لله خالصاً، ثم يطلع عليه بعض الناس، فيحسنون الثناء عليه فيعجبه ذلك. فلا خوف أنه ليس من الرياء في شيء لما جاء في حديث أبي ذر رضي الله عنه، أنه ﷺ سئل عن الرجل يعمل من الخير يحمده الناس عليه، فقال صلى الله عليه وسلم
" عاجل بشرى المسلم " رواه مسلم.
وقد ذكر بعض العلماء : أن من كان يعمل عملاً خفياً، ثم حضر الناس فتركه من أجلهم خشية الرياء، أنه يدخل في الرياء، لأنه يضعف في نفسه أن يخلص النية لله، وفي هذا بُعد ومشقة.
أما منع الماعون وإعطاؤه، وهو العارية كما تقدم.
فإن مبحث العارية في ناحيتين : ما هي العارية، والثاني : حكمها أواجب أم مباح، وحكم ضمانها مضمونة أم لا؟
أما تعريفها عند الفقهاء : هي إباحة الانتفاع بعين من أعيان المال، مع بقاء عينه.