في الآية قولان : أحدهما : أنها مختصة بشخص معين، وعلى هذا القول ذكروا أشخاصاً، فقال ابن جريج : نزلت في أبي سفيان كان ينحر جزورين في كل أسبوع، فأتاه يتيم فسأله لحماً فقرعه بعصاه، وقال مقاتل : نزلت في العاص بن وائل السهمي، وكان من صفته الجمع بين التكذيب بيوم القيامة، والإتيان بالأفعال القبيحة، وقال السدي : نزلت في الوليد بن المغيرة، وحكى الماوردي أنها نزلت في أبي جهل، وروي أنه كان وصياً ليتيم، فجاءه وهو عريان يسأله شيئاً من مال نفسه، فدفعه ولم يعبأ به فأيس الصبي، فقال له أكابر قريش : قل لمحمد يشفع لك، وكان غرضهم الاستهزاء ولم يعرف اليتيم ذلك، فجاء إلى النبي ﷺ والتمس منه ذلك، وهو عليه الصلاة والسلام ما كان يرد محتاجاً فذهب معه إلى أبي جهل فرحب به وبذل المال لليتيم فعيره قريش، فقالوا : صبوت، فقال : لا والله ما صبوت، لكن رأيت عن يمينه وعن يساره حربة خفت إن لم أجبه يطعنها في، وروي عن ابن عباس أنها نزلت في منافق جمع بين البخل والمراءاة والقول الثاني : أنه عام لكل من كان مكذباً بيوم الدين، وذلك لأن إقدام الإنسان على الطاعات وإحجامه عن المحظورات إنما يكون للرغبة في الثواب والرهبة عن العقاب، فإذا كان منكراً للقيامة لم يترك شيئاً من المشتهيات واللذات، فثبت أن إنكار القيامة كالأصل لجميع أنواع الكفر والمعاصي.
المسألة الرابعة :
في تفسير الدين وجوه أحدها : أن يكون المراد من يكذب بنفس الدين والإسلام إما لأنه كان منكراً للصانع، أو لأنه كان منكراً للنبوة، أو لأنه كان منكراً للمعاد أو لشيء من الشرائع، فإن قيل : كيف يمكن حمله على هذا الوجه، ولا بد وأن يكون لكل أحد دين والجواب : من وجوه أحدها : أن الدين المطلق في اصطلاح أهل الإسلام، والقرآن هو الإسلام قال : الله تعالى :