السؤال الثاني : لم لم يقل : ولا يطعم المسكين ؟ والجواب : إذا منع اليتيم حقه فكيف يطعم المسكين من مال نفسه، بل هو بخيل من مال غيره، وهذا هو النهاية في الخسة، فلأن يكون بخيلاً بمال نفسه أولى، وضده في مدح المؤمنين :﴿وَتَوَاصَوْاْ بالمرحمة﴾ [ البلد : ١٧ ] ﴿وَتَوَاصَوْاْ بالحق وَتَوَاصَوْاْ بالصبر.
﴾ [ العصر : ٣ ]
فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (٤) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (٥)
ثم قال تعالى :﴿فَوَيْلٌ لّلْمُصَلّينَ الذين هُمْ عَن صلاتهم سَاهُونَ﴾ وفيه مسائل :
المسألة الأولى :
في كيفية اتصال هذه الآية بما قبلها وجوه أحدها : أنه لا يفعل إيذاء اليتيم والمنع من الإطعام دليلاً على النفاق فالصلاة لا مع الخضوع والخضوع أولى أن تدل على النفاق، لأن الإيذاء والمنع من النفع معاملة مع المخلوق، أما الصلاة فإنها خدمة للخالق، وثانيها : كأنه لما ذكر إيذاء اليتيم وتركه للحض كأن سائلاً قال : أليس إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ؟ فقال له : الصلاة كيف تنهاه عن هذا الفعل المنكر وهي مصنوعة من عين الرياء والسهو وثالثها : كأنه يقول : إقدامه على إيذاء اليتيم وتركه للحض، تقصير فيما يرجع إلى الشفقة على خلق الله، وسهوه في الصلاة تقصير فيما يرجع إلى التعظيم لأمر الله، فلما وقع التقصير في الأمرين فقد كملت شقاوته، فلهذا قال :﴿فَوَيْلٌ﴾ واعلم أن هذا اللفظ إنما يستعمل عند الجريمة الشديدة كقوله :﴿وَيْلٌ لّلْمُطَفّفِينَ﴾ [ المطففين : ١ ] ﴿فَوَيْلٌ لَّهُمْ مّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ﴾ [ البقرة : ٧٩ ] ﴿وَيْلٌ لّكُلّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ﴾ [ الهمزة : ١ ] ويروى أن كل أحد ينوح في النار بحسب جريمته، فقائل يقول : ويلي من حب الشرف، وآخر يقول : ويلي من الحمية الجاهلية، وآخر يقول : ويلي من صلاتي، فلهذا يستحب عند سماع مثل الآية، أن يقول : المرء ويلي إن لم يغفر لي.
المسألة الثانية :