﴿وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصلاة قَامُواْ كسالى يُرَاءونَ الناس ولا يذكرون الله إلاَّ قليلاً﴾ [ النساء : ١٤٢ ] ويجاب عن الاعتراض الثاني بأن النسيان عن الصلاة هو أن يبقى ناسياً لذكر الله في جميع أجزاء الصلاة وهذا لا يصدر إلا عن المنافق الذي يعتقد أنه لا فائدة في الصلاة، أما المسلم الذي يعتقد فيها فائدة عينية يمتنع أن لا يتذكر أمر الدين والثواب والعقاب في شيء من أجزاء الصلاة، بل قد يحصل له السهو في الصلاة بمعنى أنه يصير ساهياً في بعض أجزاء الصلاة، فثبت أن السهو في الصلاة من أفعال المؤمن والسهو عن الصلاة من أفعال الكافر وثالثها : أن يكون معنى :﴿ساهون﴾ أي لا يتعهدون أوقات صلواتهم ولا شرائطها، ومعناه أنه لا يبالي سواء صلى أو لم يصل، وهو قول سعد بن أبي وقاص ومسروق والحسن ومقاتل.
المسألة الثالثة :
اختلفوا في سهو الرسول عليه الصلاة والسلام في صلاته، فقال كثير من العلماء : إنه عليه الصلاة والسلام ما سها، لكن الله تعالى أذن له في ذلك الفعل حتى يفعل ما يفعله الساهي فيصير ذلك بياناً لذلك الشرع بالفعل والبيان بالفعل أقوى، ثم بتقدير وقوع السهو منه فالسهو على أقسام أحدها : سهو الرسول والصحابة وذلك منجبر تارة بسجود السهو وتارة بالسنن والنوافل والثاني : ما يكون في الصلاة من الغفلة وعدم استحضار المعارف والنيات والثالث : الترك لا إلى قضاء والإخراج عن الوقت، ومن ذلك صلاة المنافق وهي شر من ترك الصلاة لأنه يستهزىء بالدين بتلك الصلاة.
أما قوله تعالى :﴿الذين هُمْ يُرَاءونَ﴾
فاعلم أن الفرق بين المنافق والمرائي ؛ أن المنافق هو المظهر للإيمان المبطن للكفر، والمرائي المظهر ما ليس في قلبه من زيادة خشوع ليعتقد فيه من يراه أنه متدين، أو تقول : المنافق لا يصلي سراً والمرائي تكون صلاته عند الناس أحسن.


الصفحة التالية