الثاني : أن إضماره ظاهر متصل به، وهو قوله تعالى :﴿ الذين هم ﴾ الآية. وإتمام الآية في قوله :﴿ فويل للمصلين ﴾ ما بعدها من قوله :﴿ الذين هم عن صلاتهم ساهون ﴾ إضماراً فيها وإن كان نطقاً ظاهراً.
وليس السهو الذي يطرأ عليه في صلاته ولا يقدر على دفعه عن نفسه هو الذي ذم به، لأنه عفو.
وفي تأويل ما استحق به هذا الذم ستة أوجه :
أحدها : أن معنى ساهون أي لاهون، قاله مجاهد.
الثاني : غافلون، قاله قتادة.
الثالث : أن لا يصلّيها سراً ويصليها علانية رياء للمؤمنين، قاله الحسن.
الرابع : هو الذي يلتفت يمنة ويسرة وهواناً بصلاته، قاله أبو العالية.
الخامس : هو ألا يقرأ ولا يذكر الله، قاله قطرب.
السادس : هو ما روى مصعب بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال : سألت رسول الله ﷺ عن " الذين هم عن صلاتهم ساهون " فقال :" هم الذين يؤخرون الصلاة عن مواقيتها ".
﴿ الذين هم يُراءونَ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : المنافقون الذين يراءون بصلاتهم، يصلّونها مع الناس إذا حضروا، ولا يُصلّونها إذا غابوا، قاله علي وابن عباس.
الثاني : أنه عامّ في ذم كل من راءى لعمله ولم يقصد به إخلاصاً لوجه ربه. روي عن النبي صلى الله عيله وسلم أنه قال :" يقول الله تعالى : مَن عَمِل عملا لغيري فقد أشرك بي وأنا أغنى الشركاء عن الشرك ".
﴿ ويَمْنَعُونَ الماعونَ ﴾ فيه ثمانية تأويلات :
أحدها : أن الماعون الزكاة، قاله علي وابن عمر والحسن وعكرمة وقتادة، قال الراعي :
أخليفة الرحمن إنا مَعْشَرٌ... حُنَفاءُ نسجُد بكرةً وأصيلاً.
عَرَبٌ نرى لله في أمْوالِنا... حقَّ الزكاة مُنزّلا تنزيلاً
قَوْمٌ على الإسلام لمّا يَمْنعوا... ماعونَهم ويضَيِّعوا التهْليلا
الثاني : أنه المعروف، قاله محمد بن كعب.
الثالث : أنه الطاعة، قاله ابن عباس.
الرابع : أنه المال بلسان قريش، قاله سعيد بن المسيب والزهري.