وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ أرأيت الذي يكذب بالدين ﴾
اختلفوا فيمن نزلت هذه الآية على ستة أقوال.
أحدها : نزلت في رجل من المنافقين، قاله ابن عباس.
والثاني : نزلت في عمرو بن عائذ، قاله الضحاك.
والثالث : في الوليد بن المغيرة، قاله السدي.
والرابع : في العاص بن وائل، قاله ابن السائب.
والخامس : في أبي سفيان بن حرب، قاله ابن جريج.
والسادس : في أبي جهل، حكاه الماوردي.
وفي "الدين" أربعة أقوال.
أحدها : أنه حكم الله عز وجل، قاله ابن عباس.
والثاني : الحساب، قاله مجاهد، وعكرمة.
والثالث : الجزاء، حكاه الماوردي.
والرابع : القرآن، حكاه بعض المفسرين.
و"يَدُعُّ" بمعنى يدفع.
وقد ذكرناه في قوله تعالى :﴿ يوم يُدَعُّون إِلى نار جهنم ﴾ [ الطور : ١٣ ] والمعنى : أنه يدفع اليتيم عن حقه دفعاً عنيفاً ليأخذ ماله، وقد بينا فيما سبق أنهم كانوا لا يورِّثون الصغير، وقيل : يدفع اليتيم إبعاداً له، لأنه لا يرجو ثواب إطعامه ﴿ ولا يحض على طعام المسكين ﴾ أي : لا يطعمه، ولا يأمر بإطعامه، لأنه مكذِّب بالجزاء.
قوله تعالى :﴿ فويل للمصلين.
الذين هم عن صلاتهم ساهون ﴾ نزل هذا في المنافقين الذين لا يرجون لصلاتهم ثواباً، ولا يخافون على تركها عقاباً.
فإن كانوا مع النبي ﷺ صلوا رياءً، وإن لم يكونوا معه لم يصلوا، فذلك قوله تعالى :﴿ الذين هم يراؤون ﴾ وقال ابن مسعود : والله ما تركوها البتَّة ولو تركوها البتة كانوا كفاراً، ولكن تركوا المحافظة على أوقاتها.
وقال ابن عباس : يؤخِّرونها عن وقتها.
ونقل عن أبي العالية أنه قال : هو الذي لا يدري عن كم انصرف، عن شفع، أو عن وتر.
وردَّ هذا بعض العلماء فقال : هذا ليس بشيء، لأن رسول الله ﷺ قد سها في صلاته، ولأنه قال تعالى :﴿ عن صلاتهم ﴾ ولم يقل : في صلاتهم، ولأن ذاك لا يكاد يدخل تحت طوق ابن آدم.