وليس الذم عامّا حتى يتناول من تركه عجزاً، ولكنهم كانوا يَبْخَلُون ويعتذرون لأنفسهم، ويقولون :﴿ أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَآءُ الله أَطْعَمَهُ ﴾ [ ياس : ٤٧ ]، فنزلت هذه الآية فيهم، وتوجه الذم إليهم.
فيكون معنى الكلام : لا يفعلونه إن قَدَرُوا، ولا يحثُّون عليه إن عسِروا.
الثالثة : قوله تعالى :﴿ فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ ﴾ أي عذاب لهم.
وقد تقدّم في غير موضع.
﴿ الذين هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ ﴾، فروى الضحاك عن ابن عباس قال : هو المصلَّي الذي إن صلى لم يَرْج لها ثواباً، وإن تركها لم يخشَ عليها عقاباً.
وعنه أيضاً : الذين يؤخرونها عن أوقاتها.
وكذا رَوى المغيرة عن إبراهيم، قال : سَاهونَ بإضاعة الوقت.
وعن أبي العالية : لا يصلونها لِمَوَاقِيتِهَا، ولا يُتِمُّون ركوعها ولا سجودها.
قلت : ويدل على هذا قوله تعالى :﴿ فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُواْ الصلاة ﴾ [ مريم : ٥٩ ] حَسْبَ ما تقدّم بيانه في سورة "مريم" عليها السلام.
وروي عن إبراهيم أيضاً : أنه الذي إذا سجد قام برأسه هكذا ملتفتاً.
وقال قطرب : هو ألا يقرأ ولا يذكر الله.
وفي قراءة عبد الله "الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاَتِهِمْ لاَهُون".
وقال سعد بن أبي وقَّاص :" قال النبي ﷺ في قوله :﴿ فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الذين هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ ﴾ قال "الذينَ يؤخِّرون الصلاة عن وقتها، تهاوناً بها" " وعن ابن عباس أيضاً : هم المنافقون يتركون الصلاة سِرًّا، يصلونها علانية ﴿ وَإِذَا قاموا إِلَى الصلاة قَامُواْ كسالى ﴾ [ النساء : ١٤٢ ]...
الآية.
ويدل على أنها في المنافقين قوله :﴿ الذين هُمْ يُرَآءُونَ ﴾، وقاله ابن وهب عن مالك.
قال ابن عباس : ولو قال في صلاتهم ساهون لكانت في المؤمنين.
وقال عطاء : الحمد لله الذي قال :"عَنْ صلاتِهِم" ولم يقل في صلاتهم.