الرابع : ذكر الزجاج وأبو عُبيد والمبرّد أن الماعون في الجاهلية كل ما فيه منفعة، حتى الفأس والقدر والدلو والقدّاحة، وكل ما فيه منفعة من قليل وكثير ؛ وأنشدوا بيت الأعشى.
قالوا : والماعون في الإسلام : الطاعة والزكاة ؛ وأنشدوا قول الراعي :
أَخَلِيفَةَ الرحمن إنَّا مَعْشَرٌ...
حُنَفاءُ نَسْجُدُ بُكْرةً وأَصِيلاَ
عَرَبٌ نَرَى لِلَّهِ مِن أَمْوالِنا...
حَقَّ الزكاةِ مُنَزَّلاً تَنْزِيلاَ
قَومٌ على الإسلامِ لَمَّا يمْنَعُوا...
ماعُونَهُمْ ويُضَيِّعُوا التهليلا
يعني الزكاة.
الخامس : أنه العارِيَّة ؛ روي عن ابن عباس أيضاً.
السادس : أنه المعروف كله الذي يتعاطاه الناس فيما بينهم ؛ قاله محمد بن كعب والكلبيّ.
السابع : أنه الماء والكَلأَ.
الثامن : الماء وحده.
قال الفراء : سمِعت بعض العرب يقول : الماعون : الماء ؛ وأنشدني فيه :
يَمَجّ صَبِيرُه الماعونَ صَبًّا...
الصَّبير : السحاب.
التاسع : أنه منع الحق ؛ قاله عبد الله بن عمر.
العاشر : أنه المستغل من منافع الأموال ؛ مأخوذ من المَعْن وهو القليل ؛ حكاه الطبريّ وابن عباس.
قال قطرب : أصل الماعون من القلة.
والمعن : الشيء القليل ؛ تقول العرب : ماله سَعْنة ولا معنة ؛ أي شيء قليل.
فسمى الله تعالى الزكاة والصدقة ونحوهما من المعروف ماعوناً ؛ لأنه قليل من كثير.
ومن الناس من قال : الماعون : أصله مَعُونة، والألف عوض من الهاء ؛ حكاه الجوهريّ.
ابن العربيّ : الماعون : مفعول من أعان يعين، والعَوْن : هو الإمداد بالقوّة والآلات والأسباب الميسرة للأمر.
الحادي عشر : أنه الطاعة والانقياد.
حكى الأخفش عن أعرابي فصيح : لو قد نزلنا لصنعت بناقتك صنيعاً تعطيك الماعون ؛ أي تنقاد لك وتطيعك.
قال الراجز :
مَتَى تصادِفْهُنَّ في الْبرِينِ...
يَخْضعن أو يُعطِين بالماعونِ


الصفحة التالية
Icon