وقيل : هو داع اليتيم غير الحاض، وأن كلاً من الأوصاف الذميمة ناشىء عن التكذيب بالدين، فالمصلون هنا، والله أعلم، هم المنافقون، ثبت لهم الصلاة، وهي الهيئات التي يفعلونها.
ثم قال :﴿ الذين هم عن صلاتهم ساهون ﴾، نظراً إلى أنهم لا يوقعونها، كما يوقعها المسلم من اعتقاد وجوبها والتقرب بها إلى الله تعالى.
وفي الحديث عن صلاتهم ساهون :" يؤخرونها عن وقتها تهاوناً بها " قال مجاهد : تأخير ترك وإهمال.
وقال إبراهيم : هو الذي إذا سجد قال برأسه هكذا ملتفتاً.
وقال قتادة : هو الترك لها، أو هم الغافلون الذين لا يبالي أحدهم أصلى أم لم يصل.
وقال قطرب : هو الذي لا يقر ولا يذكر الله تعالى.
وقال ابن عباس : المنافقون يتركون الصلاة سراً ويفعلونها علانية، ﴿ وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى ﴾ ويدل على أنها في المنافقين قوله تعالى :﴿ الذين هم يراءون ﴾، وقاله ابن وهب عن مالك.
قال ابن عباس : ولو قال في صلاتهم لكانت في المؤمنين.
وقال عطاء : الحمد لله الذي قال عن صلاتهم ولم يقل في صلاتهم.
وقال الزمخشري : بعد أن قدم فيما نقلناه من كلامه ما يدل على أن ﴿ فذلك الذي يدع ﴾ في موضع رفع، قال : وطريقة أخرى أن يكون ﴿ فذلك ﴾ عطفاً على ﴿ الذي يكذب ﴾، إما عطف ذات على ذات، أو عطف صفة على صفة، ويكون جواب ﴿ أرأيت ﴾ محذوفاً لدلالة ما بعده عليه، كأن قال : أخبرني وما تقول فيمن يكذب بالجزاء، وفيمن يؤذي اليتيم ولا يطعم المسكين، أنعم ما يصنع؟ ثم قال :﴿ فويل للمصلين ﴾ : أي إذا علم أنه مسيء، ﴿ فويل للمصلين ﴾ على معنى : فويل لهم، إلا أنه وضع صفتهم موضع ضميرهم لأنهم كانوا مع التكذيب، وما أضيف إليهم ساهين عن الصلاة مرائين غير مزكين أموالهم.
فإن قلت : كيف جعلت المصلين قائماً مقام ضمير ﴿ الذي يكذب ﴾، وهو واحد؟ قلت : معناه الجمع، لأن المراد به الجنس، انتهى.


الصفحة التالية
Icon