فجعل فذلك في موضع نصب عطفاً على المفعول، وهو تركيب غريب، كقولك : أكرمت الذي يزورنا فذلك الذي يحسن إلينا، فالمتبادر إلى الذهن أن فذلك مرفوع بالابتداء، وعلى تقدير النصب يكون التقدير : أكرمت الذي يزورنا فأكرمت ذلك الذي يحسن إلينا.
فاسم الإشارة في هذا التقدير غير متمكن تمكن ما هو فصيح، إذ لا حاجة إلى أن يشار إلى الذي يزورنا، بل الفصيح أكرمت الذي يزورنا فالذي يحسن إلينا، أو أكرمت الذي يزورنا فيحسن إلينا.
وأما قوله : إما عطف ذات على ذات فلا يصح، لأن فذلك إشارة إلى الذي يكذب، فليسا بذاتين، لأن المشار إليه بقوله :﴿ فذلك ﴾ هو واحد.
وأما قوله : ويكون جواب ﴿ أرأيت ﴾ محذوفاً، فلا يسمى جواباً، بل هو في موضع المفعول الثاني لأرأيت.
وأما قوله : أنعم ما يصنع، فهمزة الاستفهام لا نعلم دخولها على نعم ولا بئس، لأنهما إنشاء، والاستفهام لا يدخل إلى على الخبر.
وأما وضعه المصلين موضع الضمير، وأن المصلين جمع، لأن ضمير الذي يكذب معناه الجمع، فتكلف واضح ولا ينبغي أن يحمل القرآن إلا على ما اقتضاه ظاهر التركيب، وهكذا عادة هذا الرجل يتكلف أشياء في فهم القرآن ليست بواضحة.
وتقدّم الكلام في الرياء في سورة البقرة.
وقرأ الجمهور : يراءون مضارع راأى، على وزن فاعل ؛ وابن أبي إسحاق والأشهب : مهموزة مقصورة مشدّدة الهمزة ؛ وعن ابن أبي إسحاق : بغير شد في الهمزة.
فتوجيه الأولى إلى أنه ضعف الهمزة تعدية، كما عدوا بالهمزة فقالوا في رأى : أرى، فقالوا : راأى، فجاء المضارع بأرى كيصلى، وجاء الجمع يروّون كيصلون، وتوجيه الثانية أن استثقل التضعيف في الهمزة فخففها، أو حذف الألف من يراءون حذفاً لا لسبب.
﴿ ويمنعون الماعون ﴾، قال ابن المسيب وابن شهاب : الماعون، بلغة قريش : المال.
وقال الفرّاء عن بعض العرب : الماعون : الماء.


الصفحة التالية
Icon