قال القاضي أبو محمد : كوثر : بناء مبالغة من الكثرة، ولا مجال أن الذي أعطى الله محمداً عليه السلام من النبوة والحكمة العلم بربه والفوز برضوانه والشرف على عباده هو أكثر الأشياء وأعظمها كأنه يقول في هذه الآية :﴿ إنا أعطيناك ﴾ الحظ الأعظم، قال سعيد بن جبير : النهر الذي في الجنة هو من الخير الذي أعطاه الله إياه، فنعم ما ذهب إليه ابن عباس، ونعم ما تمم ابن جبير رضي الله عنهم، وأمر النهر ثابت في الآثار في حديث الإسراء وغيره ﷺ على محمد ونفعنا بما منحنا من الهداية، قال الحسن :﴿ الكوثر ﴾، القرآن، وقال أبو بكر بن عياش : هو كثرة الأصحاب والأتباع، وقال جعفر الصادق : نور في قلبه ودله عليه وقطعه عما سواه، وقال أيضاً : هو الشفاعة، وقال هلال بن يساف : هو التوحيد، وقوله تعالى :﴿ فصلّ لربك وانحر ﴾ أمر بالصلاة على العموم، ففيه المكتوبات بشروطها والنوافل على ندبها، والنحر : نحر البدن والنسك في الضحايا في قول جمهور الناس، فكأنه قال : ليكن شغلك هذين، ولم يكن في ذلك الوقت جهاد، وقال أنس بن مالك : كان رسول الله ﷺ : ينحر يوم الأضحى قبل الصلاة، فأمر أن يصلي وينحر وقاله قتادة، والقرطبي وغيره في الآية طعن على كفار مكة، أي إنهم يصلون لغير الله مكاء وتصدية، وينحرون للأصنام ونحوه، فافعل أنت هذين لربك تكن على صراط مستقيم، وقال ابن جبير : نزلت هذه الآية يوم الحديبية وقت صلح قريش قيل لمحمد ﷺ : صل وانحر الهدي، وعلى هذا تكون الآية من المدني، وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال : معنى الآية : صل لربك وضع يمينك على شمالك عند نحرك في الصلاة، فالنحر على هذين ليس بمصدر نحر بل هو الصدر، وقال آخرون المعنى : ارفع يدك في استفتاح صلاتك عند نحرك، وقوله تعالى :﴿ إن شانئك هو الأبتر ﴾ رد على مقالة كان كثير من سفهاء قريش يقولها لما لم