أعطيناك الكوثر } فإن روحه القدسية متميزة في الكثرة عن سائر الأرواح البشرية بالكم لأنها أكثر مقدمات، وبالكيف لأنها أسرع انتقالاً من المقدمات إلى النتائج. وأوسطها أن يكونوا مشتغلين بالطاعات والعبادات البدنية وأشار إليها بقوله ﴿ فصل لربك ﴾ وأدناها أن يكونوا في مقام منع النفس عن الانتصاب إلى اللذات العاجلة وهي قوله ﴿ وانحر ﴾ فإن منع النفس الشهوية جارية مجرى الذبح والنحر. ومن البيان أن ترتيب السالك هو الأخذ من الأدون إلى الأعلى، وإنما ورد القرآن بما ورد تنبيهاً على أنه ﷺ كان في نهاية الوصول. وأن هذا الترتيب بالنسبة إليه ينعكس وذلك أنه جاء من الحق إلى الخلق. ثم أشار بقوله ﴿ إن شانئك هو الأبتر ﴾ إلى أن دواعي النفس التي هي أعدى الأعداء لا بقاء لها، وإنما هي لذات زائلة وتخيلات فانية ﴿ والباقيات الصالحات خير عند ربك ثواباً وخير أملاً ﴾ [ الكهف : ٤٦ ]. أ هـ ﴿غرائب القرآن حـ ٦ صـ ٥٧٥ ـ ٥٨٠﴾