وقيل : هو أن يستقبل القبلة بنحره قاله الفراء، والكلبي، وأبو الأحوص.
قال الفراء : سمعت بعض العرب يقول نتناحر، أي : نتقابل : نحر هذا، إلى نحر هذا أي : قبالته، ومنه قول الشاعر :
أبا حكم ما أنت عمّ مجالد... وسيد أهل الأبطح المتناحر
أي : المتقابل.
وقال ابن الأعرابي : هو : انتصاب الرجل في الصلاة بازاء المحراب.
من قولهم : منازلهم تتناحر تتقابل.
وروي عن عطاء أنه قال : أمره أن يستوي بين السجدتين جالساً حتى يبدو نحره.
وقال سليمان التيمي : المعنى : وارفع يديك بالدعاء إلى نحرك، وظاهر الآية الأمر له ﷺ بمطلق الصلاة، ومطلق النحر، وأن يجعلهما لله عزّ وجلّ لا لغيره، وما ورد في السنة من بيان هذا المطلق بنوع خاص، فهو في حكم التقييد له، وسيأتي إن شاء الله.
﴿ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبتر ﴾ أي : إن مبغضك هو المنقطع عن الخير على العموم.
فيعمّ خيري الدنيا والآخرة، أو الذي لا عقب له، أو الذي لا يبقى ذكره بعد موته، وظاهر الآية العموم، وأن هذا شأن كل من يبغض النبيّ ﷺ، ولا ينافي ذلك كون سبب النزول هو العاص بن وائل، فالاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، كما مرّ غير مرّة.
قيل : كان أهل الجاهلية إذا مات الذكور من أولاد الرجل قالوا : قد بتر فلان، فلما مات ابن رسول الله ﷺ إبراهيم خرج أبو جهل إلى أصحابه فقال : بتر محمد، فنزلت الآية.
وقيل : القائل بذلك عقبة بن أبي معيط.
قال أهل اللغة : الأبتر من الرجال : الذي لا ولد له، ومن الدوابّ : الذي لا ذنب له، وكل أمر انقطع من الخير أثره فهو أبتر، وأصل البتر القطع، يقال بترت الشيء بتراً : قطعته.