وقال القاسمى :
سورة الكوثر
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
﴿ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ﴾أي : الخير الكثير من القرآن والحكمة والنبوة والدين الحقّ والهدى وما فيه من سعادة الدارين. روى ابن جرير عن أبي بشر قال : سألت سعيد بن جبير عن الكوثر، فقال : هو الخير الكثير الذي آتاه الله إياه، فقلت لسعيد : إنا كنا نسمع أنه نهر في الجنة ؟ فقال : هو من الخير الذي أعطاه الله إياه.
﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾ قال الإمام : أي : فاجعل صلاتك لربك وحده، وانحر ذبيحتك مما هو نُسك لك لله وحده، فإنه هو مربيك ومسبغ نعمه عليك دون سواه، كما قال تعالى :﴿ قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِين َ *لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [ الأنعام : ١٦٢ - ١٦٣ ] ﴿ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ﴾ قال ابن جرير : أي : مبغضك يا محمد، وعدوك هو الأبتر، يعني الأقل الأذل المنقطع دابره الذي لا عقب له.
روى ابن إسحاق عن يزيد بن رومان قال : كان العاص بن وائل إذا ذكر رسول الله ﷺ يقول : دعوه فإنه رجل أبتر لا عقب له. فإذا هلك انقطع ذكره ؛ فأنزل الله هذه السورة. وعن عطاء قال : نزلت في أبي لهب، وذلك حين مات ابن رسول الله ﷺ، فذهب أبو لهب إلى المشركين فقال : بُتِر محمد الليلة. فأنزل الله في ذلك السورةَ. وقال شمر بن عطية : نزلت في عقبة بن أبي معيط. قال ابن كثير : والآية تعم جميع من اتصف بذلك، ممن ذكر وغيرهم.