قوله :﴿ هُوَ الأبتر ﴾ : يجوزُ أَنْ يكونَ " هو " مبتدأً، و " الأبترُ " خبرُه والجملةُ خبرُ " إنَّ "، وأَنْ يكون فصلاً وقال أبو البقاء :" أو توكيدٌ " وهو غَلَطٌ منه لأنَّ المُظْهَرَ لا يُؤَكِّدُ بالمضمر. والأبترُ : الذي لا عَقِبَ له، وهو في الأصلِ الشيءُ المقطوع، مِنْ بَتَرَه، أي : قطعه. وحمارٌ ابترُ : لا ذَنَبَ له. ورجلٌ أُباتِرٌ بضم الهمزة : قاطعُ رَحِمِه قال :

٤٦٦٠ لَئيمٌ نَزَتْ في أَنْفِه خُنْزُوانَةٌ على قَطْعِ ذي القربى أَحَدُّ أُباتِرُ
وبَتِر هو بالكسرِ : انقطعَ ذَنَبُه.
وقرأ العامة " شانِئَك " بالألفِ اسمُ فاعل بمعنى الحالِ أو الاستقبالِ أو الماضي. وقرأ ابن عباس " شَنِئَك " بغيرِ ألفٍ. فقيل : يجوزُ أَنْ يكونَ بناءَ مبالغةٍ كفَعَّال ومِفْعال. وقد أثبته سيبويهِ، وأنشد :
٤٦٦١ حَذِرٌ أُموراً لا تَضِيرُ وآمِنُ ما ليسَ مُنْجِيَه من الأقْدارِ
وقال زيد الخيل :
٤٦٦٢ أتاني أنهم مَزِقون عِرْضي جِحاشٌ الكِرْمَلَيْنِ لها فَديدُ
فإنْ كانَ بمعنى الحالِ أو الاستقبالِ فإضافتُه لمفعولِه مِنْ نصبٍ. وإن كان بمعنى المُضِيِّ فهي لا مِنْ نصبٍ. وقيل : يجوزُ أن يكونَ مقصوراً مِنْ فاعِل كقولِهم :" بَرُّ وبارٌّ، وبَرِدٌ وبارِدٌ.
قوله :﴿ فَصَلِّ ﴾ الفاء للتعقيب والتسبيبِ، أي : تَسَبَّبَ عن هذه المِنَّةِ العظيمة وعَقَبها أَمْرُك بالتخَلِّي لعبادةِ المُنْعِمِ عليكَ وقَصْدِك إليه بالنَّحْرِ، لا كما تفعلُ قُرَيْشٌ مِنْ صَلاتِها ونَحْرِها لأصنامِها.


الصفحة التالية
Icon