مسلم عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت : قال رسول الله ﷺ : إني على الحوض حتى أنظر من يرد علي منكم، وسيؤخذ ناس دوني فأقول : يا رب مني ومن أمتي فيقال : أما شعرت ما عملوا بعدك ؟ والله ما برحوا بعدك يرجعون على أعقابهم. وفي حديث أنس فيختلج العبد منهم فأقول : يا رب من أمتي فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، وقد تقدم. وكذلك حديث البخاري إذا زمرة حتى إذا عرفتهم تقدم أيضاً. وفي الموطأ وغيره من حديث أبي هريرة فقالوا : كيف تعرف من يأتي بعدك من أمتك يا رسول الله ؟ الحديث. وفيه قال : فإنهم يأتون غراً محجلين من أثر الوضوء.
فصل : قال علماؤنا رحمة الله عليهم أجمعين : فكل من ارتد عن دين الله أو أحدث فيه ما لا يرضاه الله ولم يأذن به الله، فهو من المطرودين عن الحوض المبعدين عنه، وأشدهم طرداً من خالف جماعة المسلمين وفارق سبيلهم كالخوارج على اختلاف فرقها، والروافض على تباين ضلالها، والمعتزلة على أصناف أهوائها فهؤلاء كلهم مبدلون، وكذلك الظلمة المسرفون في الجور والظلم وتطميس الحق، وقتل أهله وإذلالهم، والمعلنون بالكبائر المستحفون بالمعاصي. وجماعة أهل الزيغ والأهواء والبدع. ثم البعد قد يكون في حال ويقربون بعد المغفرة إن كان التبديل في الأعمال ولم يكن في العقائد، وعلى هذا التقدير يكون نور الوضوء يعرفون به، ثم يقال لهم سحقاً، وإن كانوا من
المنافقين الذين كانوا على عهد رسول الله ﷺ يظهرون الإيمان ويسرون الكفر فيأخذهم بالظاهر. ثم يكشف لهم الغطاء فيقول لهم : سحقاً سحقاً، ولا يخلد في النار إلا كافر جاحد مبطل ليس في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان.
وقد يقال : إن من أنفذ الله عليه وعيده من أهل الكبائر إنه، وإن ورد الحوض وشرب منه فإنه إذا دخل النار بمشيئة الله تعالى لا يعذب بعطش، والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon