الله لِيُعَذّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ} [ الأنفال : ٣٣ ] وقال في الآخرة :" شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي " وعن أبي هريرة قال عليه السلام :" إن لكل نبي دعوة مستجابة وإني خبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة " القول الرابع عشر : أن المراد من الكوثر هو هذه السورة، قال : وذلك لأنها مع قصرها وافية بجميع منافع الدنيا والآخرة، وذلك لأنها مشتملة على المعجز من وجوه أولها : أنا إذا حملنا الكوثر على كثرة الأتباع، أو على كثرة الأولاد، وعدم انقطاع النسل كان هذا إخباراً عن الغيب، وقد وقع مطابقاً له، فكان معجزاً وثانيها : أنه قال :﴿فَصَلّ لِرَبّكَ وانحر﴾ وهو إشارة إلى زوال الفقر حتى يقدر على النحر، وقد وقع فيكون هذا أيضاً إخباراً عن الغيب وثالثها : قوله :﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبتر﴾ وكان الأمر على ما أخبر فكان معجزاً ورابعها : أنهم عجزوا عن معارضتها مع صغرها، فثبت أن وجه الإعجاز في كمال القرآن، إنما تقرر بها لأنهم لما عجزوا عن معارضتها مع صغرها فبأن يعجزوا عن معارضة كل القرآن أولى، ولما ظهر وجه الإعجاز فيها من هذه الوجوه فقد تقررت النبوة وإذا تقررت النبوة فقد تقرر التوحيد ومعرفة الصانع، وتقرر الدين والإسلام، وتقرر أن القرآن كلام الله وإذا تقررت هذه الأشياء تقرر جميع خيرات الدنيا والآخرة فهذه السورة جارية مجرى النكتة المختصرة القوية الوافية بإثبات جميع المقاصد فكانت صغيرة في الصورة كبيرة في المعنى، ثم لها خاصية ليست لغيرها وهي أنها ثلاث آيات، وقد بينا أن كل واحدة منها معجز فهي بكل واحدة من آياتها معجز وبمجموعها معجز وهذه الخاصية لا توجد في سائر السور فيحتمل أن يكون المراد من الكوثر هو هذه السورة القول الخامس عشر : أن المراد من الكوثر جميع نعم الله على محمد عليه السلام، وهو المنقول عن ابن عباس لأن لفظ الكوثر يتناول الكثرة الكثيرة، فليس حمل الآية على بعض هذه النعم أولى من