اختلف من فسر قوله :﴿فَصَلِّ﴾ بالصلاة على وجوه الأول : أنه أراد بالصلاة جنس الصلاة لأنهم كانوا يصلون لغير الله، وينحرون لغير الله فأمره أن لا يصلي ولا ينحر إلا لله تعالى، واحتج من جوز تأخير بيان المجمل بهذه الآية، وذلك لأنه تعالى أمر بالصلاة مع أنه ما بين كيفية هذه الصلاة أجاب أبو مسلم، وقال : أراد به الصلاة المفروضة أعني الخمس وإنما لم يذكر الكيفية، لأن الكيفية كانت معلومة من قبل القول الثاني : أراد صلاة العيد والأضحية لأنهم كانوا يقدمون الأضحية على الصلاة فنزلت هذه الآية، قال المحققون : هذا قول ضعيف لأن عطف الشيء على غيره بالواو لا يوجب الترتيب القول الثالث : عن سعيد بن جبير صل الفجر بالمزدلفة وانحر بمنى، والأقرب القول الأول لأنه لا يجب إذا قرن ذكر النحر بالصلاة أن تحمل الصلاة على ما يقع يوم النحر.
المسألة الرابعة :
اللام في قوله :﴿لِرَبّكِ﴾ فيها فوائد الفائدة الأولى : هذه اللام للصلاة كالروح للبدن، فكما أن البدن من الفرق إلى القدم، إنما يكون حسناً ممدوحاً إذا كان فيه روح أما إذا كان ميتاً فيكون مرمياً، كذا الصلاة والركوع والسجود، وإن حسنت في الصورة وطالت، لو لم يكن فيها لام لربك كانت ميتة مرمية، والمراد من قوله تعالى لموسى :﴿وأقم الصلاة لذكرى﴾ [ طه : ١٤ ] وقيل : إنه كانت صلاتهم ونحرهم للصنم فقيل له : لتكن صلاتك ونحرك لله.
الفائدة الثانية : كأنه تعالى يقول : ذكر في السورة المتقدمة أنهم كانوا يصلون للمراءآة فصل أنت لا للرياء لكن على سبيل الإخلاص.
المسألة الخامسة :
الفاء في قوله :﴿فَصَلِّ﴾ تفيد سببية أمرين أحدهما : سببية العبادة كأنه قيل : تكثير الإنعام عليك يوجب عليك الاشتغال بالعبودية والثاني : سببية ترك المبالاة كأنهم لما قالوا له : إنك أبتر فقيل له : كما أنعمنا عليك بهذه النعم الكثيرة، فاشتغل أنت بطاعتك ولا تبال بقولهم وهذيانهم.