ثم ذلك إما أن يحمل على خير معين، أو على جميع الخيرات أما الأول : فيحتمل وجوهاً أحدها : قال السدي : كانت قريش يقولون لمن مات الذكور من أولاده بتر، فلما مات ابنه القاسم وعبد الله بمكة وإبراهيم بالمدينة قالوا : بتر فليس له من يقوم مقامه، ثم إنه تعالى بين أن عدوه هو الموصوف بهذه الصفة، فإنا نرى أن نسل أولئك الكفرة قد انقطع، ونسله عليه الصلاة والسلام كل يوم يزداد وينمو وهكذا يكون إلى قيام القيامة وثانيها : قال الحسن : عنوا بكونه أبتر أنه ينقطع عن المقصود قبل بلوغه، والله تعالى بين أن خصمه هو الذي يكون كذلك، فإنهم صاروا مدبرين مغلوبين مقهورين، وصارت رايات الإسلام عالية، وأهل الشرق والغرب لها متواضعة وثالثها : زعموا أنه أبتر لأنه ليس له ناصر ومعين، وقد كذبوا لأن الله تعالى هو مولاه، وجبريل وصالح المؤمنين، وأما الكفرة فلم يبق لهم ناصر ولا حبيب ورابعها : الأبتر هو الحقير الذليل، روي أن أبا جهل اتخذ ضيافة لقوم، ثم إنه وصف رسول الله بهذا الوصف، ثم قال : قوموا حتى نذهب إلى محمد وأصارعه وأجعله ذليلاً حقيراً، فلما وصلوا إلى دار خديجة وتوافقوا على ذلك أخرجت خديجة بساطاً، فلما تصارعا جعل أبو جهل يجتهد في أن يصرعه، وبقي النبي عليه الصلاة والسلام واقفاً كالجبل، ثم بعد ذلك رماه النبي ﷺ على أقبح وجه، فلما رجع أخذه باليد اليسرى، لأن اليسرى للاستنجاء، فكان نجساً فصرعه على الأرض مرة أخرى ووضع قدمه على صدره، فذكر بعض القصاص أن المراد من قوله :﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبتر﴾ هذه الواقعة وخامسها : أن الكفرة لما وصفوه بهذا الوصف، قيل :﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبتر﴾ أي الذي قالوه فيك كلام فاسد يضمحل ويفنى، وأما المدح الذي ذكرناه فيك، فإنه باق على وجه الدهر وسادسها : أن رجلاً قام إلى الحسن بن علي عليهما السلام، وقال : سودت وجوه المؤمنين بأن تركت الإمامة