وقال الشوكانى :
﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (١) ﴾
الألف، واللام في :﴿ يا أيها الكافرون ﴾ للجنس، ولكنها لما كانت الآية خطاباً لمن سبق في علم الله أنه يموت على كفره كان المراد بهذا العموم خصوص من كان كذلك ؛ لأن من الكفار عند نزول هذه الآية من أسلم وعبد الله سبحانه.
وسبب نزول هذه السورة أن الكفار سألوا رسول الله ﷺ أن يعبد آلهتهم سنة، ويعبدوا إلهه سنة، فأمره الله سبحانه أن يقول لهم :﴿ لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ﴾ أي : لا أفعل ما تطلبون مني من عبادة ما تعبدون من الأصنام.
قيل : والمراد فيما يستقبل من الزمان ؛ لأن " لا " النافية لا تدخل في الغالب إلاّ على المضارع الذي في معنى الاستقبال، كما أن "ما" لا تدخل إلاّ على مضارع في معنى الحال.
﴿ وَلاَ أَنتُمْ عابدون مَا أَعْبُدُ ﴾ أي : ولا أنتم فاعلون في المستقبل ما أطلب منكم من عبادة إلهي.
﴿ وَلا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ ﴾ أي : ولا أنا قط فيما سلف عابد ما عبدتم فيه، والمعنى : أنه لم يعهد مني ذلك.
﴿ وَلاَ أَنتُمْ عابدون مَا أَعْبُدُ ﴾ أي : وما عبدتم في وقت من الأوقات ما أنا على عبادته، كذا قيل، وهذا عل قول من قال إنه لا تكرار في هذه الآيات ؛ لأن الجملة الأولى لنفي العبادة في المستقبل لما قدّمنا من أن "لا" لا تدخل إلاّ على مضارع في معنى الاستقبال، والدليل على ذلك أن " لن " تأكيد لما تنفيه " لا ".
قال الخليل في " لن " : إن أصله " لا "، فالمعنى : لا أعبد ما تعبدون في المستقبل، ولا أنتم عابدون في المستقبل ما أطلبه من عبادة إلهي.
ثم قال :﴿ وَلا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ ﴾ أي : ولست في الحال بعابد معبودكم، ولا أنتم في الحال بعابدين معبودي.


الصفحة التالية
Icon