وقال الشيخ الشنقيطى :
﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (١) ﴾
نداء للمشركين بمكة، لما عرضوا عليه أن يترك دعوته ويملّكوه عليهم أو يعطوهم المال ما يرضيه ونحوه فرفض، فقالوا : تقبل منا ما نعرضه عليك : تعبد آلهتنا سنة ونعبد إلهك سنة، فسكت عنهم فنزلت، وقالوا له : إن يكن الخير معنا أصبته، وإن يكن معك أصبناه.
وفي مجيء : قل، مع أن مقول القول كان قد يكفي في البلاغ، ولكن مجيئها لغاية فما هي؟
قال الفخر الرازي : إما لأنهم عابوه ﷺ في السورة التي قبلها بقولهم : إنه أبتر فجاء قوله :﴿ قُلْ ﴾، إشعاراً بأن الله يرد عن رسوله بهذا الخطاب، الذي ينادي عليهم في ناديهم بأثقل الأوصاف عليهم، فقال له :﴿ قُلْ يا أيها الكافرون ﴾.
أو أنه لما كان هذا الخطاب فيه مغايرة المألوف من تخاطبه معهم من أسلوب الحكمة والموعظة الحسنة، وكان فيه من التقريع لهم ومجابهتهم، قال له : قل : إشعاراً بأنه مبلغ عن الله ما أمر به، وجاءت يا، وهي لنداء البعيد، لبعدهم في الكفر والعناد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (٢)
قيل، تكرار في العبادات للتوكيد، كتكرار ﴿ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ ﴾ [ المرسلات : ١٥ ]، وتكرار :﴿ فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾ [ الرحمن : ١٣ ].
ونظيره في الشعر أكثر من أن يحصر، من ذلك ما أورده القرطبي رحمه الله :
هل لا سألت جموع كندة... يوم ولو أين أينا
وقول الآخر :
يا علقمة يا علقمة يا علقمة... خير تميم كلها وأكرمه
وقول الآخر :
يا أقرع بن حابس يا أقرع... إنك إن يصرع أخوك تصرع
وقول الآخر :
ألا يا سلمى ثم اسلمي ثمت اسلمي... ثلاث تحيات وإن لم تكلم
وقد جاءت في أبيات لبعض تلاميذ الشيخ رحمه الله تعالى، ضمن مساجلة له معه قال فيها :
تالله إنك قد ملأت مسامعي... درّا عليه قد انطوت أحشائي