" فوائد لغوية وإعرابية فى السورة الكريمة "
قال السمين :
سورة الكافرون
لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (٢)
[ قوله ] :﴿ لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ﴾ :" ما " في هذه السورةِ يجوزُ فيها وجهان، أحدُهما : أنها بمعنى الذي. فإنْ كان المرادُ الأصنامَ - كما في الأولى والثالثة - فالأمرُ واضحٌ لأنهم غيرُ عقلاءَ. و " ما " أصلُها أَنْ تكونَ لغيرِ العقلاءِ. وإذا أُريد بها الباري تعالى، كما في الثانيةِ والرابعةِ، فاسْتَدَلَّ به مَنْ جوَّز وقوعَها على أولي العلمِ. ومَنْ مَنَعَ جَعَلَها مصدريةً. والتقديرُ : ولا أنتم عابدون عبادتي، أي : مثلَ عبادتي. وقال أبو مسلم :" ما " في الأَوَّلَيْن بمعنى الذي، والمقصودُ المعبودُ و " ما " في الأخيرَيْن مصدريةٌ، أي : لا أَعْبُدُ عبادتَكم المبنيَّةَ على الشكِّ وتَرْكِ النظرِ، ولا أنتم تعبدون مثلَ عبادتي المبنيةِ على اليقين. فتحصَّل مِنْ مجموعِ ذلك ثلاثةُ أقوالٍ : أنها كلَّها بمعنى الذي أو مصدريةٌ، أو الأُوْلَيان بمعنى الذي، والأَخيرتان مصدريَّتان ولِقائلٍ أَنْ يقولَ : لو قيل : بأنَّ الأولى والثالثةَ بمعنى الذي، والثانيةَ والرابعةَ مصدريةٌ، لكان حسناً حتى لا يَلْزَمَ وقوعُ " ما " على أولي العلمِ، وهو مقتضى قولِ مَنْ يمنعُ وقوعَها على أولي العلمِ كما تقدَّم.