فمن هذا الاعتبار صارت النصرة المضافة إلى الصحابة بعينها مضافة إلى الله تعالى، فإن قيل : فعلى هذا التقدير الذي ذكرتم يكون فعل العبد مفرعاً على فعل الله تعالى، وهذا يخالف النص، لأنه قال :﴿إِن تَنصُرُواْ الله يَنصُرْكُمْ﴾ [ محمد : ٧ ] فجعل نصرنا له مقدماً على نصره لنا والجواب : أنه لا امتناع في أن يصدر عن الحق فعل، فيصير ذلك سبباً لصدور فعل عنا، ثم الفعل عنا ينساق إلى فعل آخر يصدر عن الرب، فإن أسباب الحوادث ومسبباتها متسلسلة على ترتيب عجيب يعجز عن إدراك كيفيته أكثر العقول البشرية.
السؤال السادس : كلمة :﴿إِذَا﴾ للمستقبل، فههنا لما ذكر وعداً مستقبلاً بالنصر، قال :﴿إِذَا جَاء نَصْرُ الله﴾ فذكر ذاته باسم الله، ولما ذكر النصر الماضي حين قال :﴿وَلَئِنْ جَاء نَصْرٌ مّن رَّبّكَ لَيَقُولُنَّ﴾ [ العنكبوت : ١٠ ] فذكره بلفظ الرب، فما السبب في ذلك ؟ الجواب : لأنه تعالى بعد وجود الفعل صار رباً، وقبله ما كان رباً لكن كان إلهاً.