روي أنه لما كان صلح الحديبية وانصرف رسول الله ﷺ أغار بعض من كان في عهد قريش على خزاعة وكانوا في عهد رسول الله ﷺ فجاء سفير ذلك القوم وأخبر رسول الله ﷺ فعظم ذلك عليه، ثم قال :" أما إن هذا العارض ليخبرني أن الظفر يجيء من الله، ثم قال لأصحابه : أنظروا فإن أبا سفيان يجيء ويلتمس أن يجدد العهد فلم تمض ساعة أن جاء الرجل ملتمساً لذلك فلم يجبه الرسول ولا أكابر الصحابة فالتجأ إلى فاطمة فلم ينفعه ذلك ورجع إلى مكة آيساً وتجهز رسول الله ﷺ إلى المسير لمكة، ثم يروى أن سارة مولاة بعض بني هاشم أتت المدينة فقال عليه السلام لها : جئت مسلمة ؟ قالت : لا لكن كنتم الموالي وبي حاجة، فحث عليها رسول الله بني عبد المطلب فكسوها وحملوها وزودوها فأتاها حاطب بعشرة دنانير واستحملها كتاباً إلى مكة نسخته : اعلموا أن رسول الله يريدكم فخذوا حذركم، فخرجت سارة ونزل جبريل بالخبر، فبعث رسول الله ﷺ علياً عليه السلام وعماراً في جماعة وأمرهم أن يأخذوا الكتاب وإلا فاضربوا عنقها، فلما أدركوها جحدت وحلفت فسل علي عليه السلام سيفه، وقال : الله ما كذبنا فأخرجته من عقيصة شعرها، واستحضر النبي حاطباً وقال : ما حملك عليه ؟ فقال : والله ما كفرت منذ أسلمت ولا أحببتهم منذ فارقتهم، لكن كنت غريباً في قريش وكل من معك من المهاجرين لهم قرابات بمكة يحمون أهاليهم فخشيبت على أهلي فأردت أن أتخذ عندهم يداً، فقال عمر : دعني أضرب عنق هذا المنافق فقال : وما يدريك يا عمر لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ففاضت عينا عمر، ثم خرج رسول الله إلى أن نزل بمر الظهران، وقدم العباس وأبو سفيان إليه فاستأذنا فأذن لعمه خاصة فقال أبو سفيان : إما أن تأذن لي وإلا أذهب بولدي إلى المفازة فيموت جوعاً وعطشاً فرق قلبه، فأذن له وقال له