إذا حملنا الفتح على فتح مكة، فللناس في وقت نزول هذه السورة قولان : أحدهما : أن فتح مكة كان سنة ثمان، ونزلت هذه السورة سنة عشر، وروي أنه عاش بعد نزول هذه السورة سبعين يوماً، ولذلك سميت سورة التوديع والقول الثاني : أن هذه السورة نزلت قبل فتح مكة، وهو وعد لرسول الله أن ينصره على أهل مكة، وأن يفتحها عليه، ونظيره قوله تعالى :﴿إِنَّ الذى فَرَضَ عَلَيْكَ القرءان لَرَادُّكَ إلى مَعَادٍ﴾ [ القصص : ٨٥ ] وقوله :﴿إِذَا جَاء نَصْرُ الله والفتح﴾ يقتضي الاستقبال، إذ لا يقال فيما وقع : إذا جاء وإذا وقع، وإذا صح هذا القول صارت هذه الآية من جملة المعجزات من حيث إنه خبر وجد مخبره بعد حين مطابقاً له، والإخبار عن الغيب معجز فإن قيل : لم ذكر النصر مضافاً إلى الله تعالى، وذكر الفتح بالألف واللام ؟ الجواب : الألف واللام للمعهود السابق، فينصرف إلى فتح مكة.
وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (٢)
فيه مسائل :
المسألة الأولى :
( رأيت ) يحتمل أن يكون معناه أبصرت، وأن يكون معناه علمت، فإن كان معناه أبصرت كان يدخلون في محل النصب على الحال، والتقدير : ورأيت الناس حال دخولهم في دين الله أفواجاً، وإن كان معناه علمت كان ﴿يدخلون في دين الله﴾ مفعولاً ثانياً لعلمت، والتقدير : علمت الناس داخلين في دين الله.
المسألة الثانية :


الصفحة التالية
Icon