واعلم أن صفات الحق محصورة في السلب والإيجاب والنفي والإثبات، والسلوب مقدمة على الإيجابات فالتسبيح إشارة إلى التعرض للصفات السلبية التي لواجب الوجود وهي صفات الجلال، والتحميد إشارة إلى الصفات الثبوتية له، وهي صفات الإكرام، ولذلك فإن القرآن يدل على تقدم الجلال على الإكرام، ولما أشار إلى هذين النوعين من الاستغفار بمعرفة واجب الوجود نزل منه إلى الاستغفار لأن الاستغفار فيه رؤية قصور النفس، وفيه رؤية جود الحق، وفيه طلب لما هو الأصلح والأكمل للنفس، ومن المعلوم أن بقدر اشتغال العبد بمطالعة غير الله يبقى محروماً عن مطالعة حضرة جلال الله، فلهذه الدقيقة أخر ذكر الاستغفار عن التسبيح والتحميد الوجه الثالث : أنه إرشاد للبشر إلى التشبه بالملكية، وذلك لأن أعلى كل نوع أسفل متصل بأسفل النوع الأعلى ولهذا قيل : آخر مراتب الإنسانية أول مراتب الملكية ثم الملائكة ذكروا في أنفسهم


الصفحة التالية
Icon